Шарх аль-Акида ат-Тахавия
شرح العقيدة الطحاوية
Исследователь
أحمد شاكر
Издатель
وزارة الشؤون الإسلامية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٨ هـ
Место издания
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Жанры
Религии и учения
تَأَمَّلَ الْإِنْسَانُ هَذَا الْقَوْلَ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ السَّلَفِ. وَالْحَقُّ: أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْقُرْآنَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ حَقِيقَةً، وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَنَاهَى، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَا شَاءَ إِذَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ (١). وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (٢).
وَلَوْ كَانَ مَا فِي الْمُصْحَفِ عِبَارَةً عَنْ كَلَامِ اللَّهِ، وَلَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ، لَمَا حَرُمَ عَلَى الْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ مَسُّهُ، وَلَوْ كَانَ مَا يَقْرَؤُهُ الْقَارِئُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ لَمَا حَرُمَ عَلَى الْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ قِرَاءَتُهُ (٣).
بَلْ كَلَامُ اللَّهِ مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ، مَقْرُوءٌ بِالْأَلْسُنِ، مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ. وَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا حَقِيقَةٌ، وَإِذَا قِيلَ: فِيهِ خَطُّ فُلَانٍ وَكِتَابَتُهُ: فُهِمَ مِنْهُ مَعْنًى صَحِيحٌ حَقِيقِيٌّ، وَإِذَا قِيلَ: فِيهِ مِدَادٌ قَدْ كُتِبَ بِهِ: فُهِمَ مِنْهُ مَعْنًى صَحِيحٌ حَقِيقِيٌّ، وَإِذَا قِيلَ: الْمِدَادُ فِي الْمُصْحَفِ: كَانَتِ الظَّرْفِيَّةُ فِيهِ غَيْرَ الظَّرْفِيَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: فِيهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَفِيهِ مُحَمَّدٌ وَعِيسَى، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ مُغَايِرَانِ لِمَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: فِيهِ خَطُّ فُلَانٍ الْكَاتِبِ، وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ مُغَايِرَةٌ لِمَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: فِيهِ كَلَامُ اللَّهِ. وَمَنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ لِلْفُرُوقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي ضَلَّ وَلَمْ يَهْتَدِ لِلصَّوَابِ. وَكَذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْقَارِئِ، وَالْمَقْرُوءِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْبَارِي، مَنْ لَمْ يَهْتَدِ لَهُ فَهُوَ ضَالٌّ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ إِنْسَانًا وَجَدَ فِي وَرَقَةٍ مَكْتُوبًا:
(١) سورة الْكَهْفِ آية ١٠٩.
(٢) سورة لُقْمَانَ آية ٢٧.
(٣) في المطبوعة (مسه)، وهو خطأ واضح يأباه السياق. وقد سبق الكلام على (مسه) في الجملة قبلها.
1 / 141