103

Шарх аль-Акида ат-Тахавия

شرح العقيدة الطحاوية

Редактор

أحمد شاكر

Издатель

وزارة الشؤون الإسلامية

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

والأوقاف والدعوة والإرشاد

﴿وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ (١)
وَأَمَّا قَوْلُ إِبْلِيسَ: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ (٢)، إِنَّمَا ذُمَّ عَلَى احْتِجَاجِهِ بِالْقَدَرِ، لَا عَلَى اعْتِرَافِهِ بِالْمُقَدَّرِ وَإِثْبَاتِهِ لَهُ. أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ نُوحٍ ﵇: ﴿وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (٣) وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ:
مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ ... وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ
وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ قَالَ: نَظَرْتُ فِي الْقَدَرِ فَتَحَيَّرْتُ، ثُمَّ نَظَرْتُ فِيهِ فَتَحَيَّرْتُ، وَوَجَدْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَكَفَّهُمْ عَنْهُ، وَأَجْهَلَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَنْطَقَهُمْ بِهِ.
قَوْلُهُ: (يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيَعْصِمُ وَيُعَافِي فَضْلًا. وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْذُلُ وَيَبْتَلِي عَدْلًا)
ش: هَذَا رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِوُجُوبِ فِعْلِ الْأَصْلَحِ لِلْعَبْدِ عَلَى اللَّهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْهُدَى وَالضَّلَالِ. قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: الْهُدَى مِنَ اللَّهِ: بَيَانُ طَرِيقِ الصَّوَابِ، وَالْإِضْلَالُ: تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ ضَالًّا، أَوْ حُكْمُهُ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ بِالضَّلَالِ عِنْدَ خَلْقِ الْعَبْدِ الضَّلَالَ فِي نَفْسِهِ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِمُ الْفَاسِدِ: أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لَهُمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ (٤) وَلَوْ كَانَ الْهُدَى بَيَانُ الطَّرِيقِ - لَمَا صَحَّ هَذَا النَّفْيُ عَنْ نَبِيِّهِ، لِأَنَّهُ ﷺ بَيَّنَ الطَّرِيقَ لِمَنْ أَحَبَّ وَأَبْغَضَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ (٥) ﴿يُضِلُّ﴾

(١) سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ آيَة ١٢٠.
(٢) سورة الحجر آية ٣٩.
(٣) سُورَةُ هُودٍ آيَة ٣٤.
(٤) سُورَةُ الْقَصَصِ آيَة ٥٦.
(٥) سُورَةُ السَّجْدَةِ آيَة ١٣.

1 / 106