Комментарий Заркани на Муватта имама Малика
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Исследователь
طه عبد الرءوف سعد
Издатель
مكتبة الثقافة الدينية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م
Место издания
القاهرة
وَكَسْرِ الرَّاءِ بِخِلَافِ حَدِيثِ: " «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ» " فَإِنَّهُ بِوَصْلِ الْأَلِفِ لِأَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ مِنْ بَرَدَ الْمَاءُ حَرَارَةَ جَوْفِي. (عَنِ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا الَّتِي يَشْتَدُّ الْحَرُّ غَالِبًا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا أَفَادَهُ الْإِمَامُ فِي التَّرْجَمَةِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةَ عَلَى عُمُومِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُعَرَّفَ يَعُمُّ فَقَالَ بِهِ أَشْهَبُ فِي الْعَصْرِ وَأَحْمَدُ فِي الْعِشَاءِ فِي الصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا فِي الصُّبْحِ لِضِيقِ وَقْتِهِمَا.
(«فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ») تَعْلِيلٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْإِبْرَادِ، وَحِكْمَتُهُ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ لِأَنَّهَا تَسْلُبُ الْخُشُوعَ وَهَذَا أَظْهَرُ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا السَّاعَةُ الَّتِي يَنْتَشِرُ فِيهَا الْعَذَابُ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " «أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُسْجَرُ فِيهَا جَهَنَّمُ» " وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَظِنَّةُ وُجُودِ الرَّحْمَةِ فَفِعْلُهَا مَظِنَّةُ طَرْدِ الْعَذَابِ فَكَيْفَ أَمَرَ بِتَرْكِهَا؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ إِذَا جَاءَ مِنَ الشَّارِعِ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ، وَاسْتَنْبَطَ لَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ مَعْنًى مُنَاسِبًا فَقَالَ: وَقْتُ ظُهُورِ أَثَرِ الْغَضَبِ لَا يَنْجَعُ فِيهِ الطَّلَبُ إِلَّا مِمَّنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ، وَالصَّلَاةُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهَا طَلَبًا وَدُعَاءً فَنَاسَبَ الْإِقْصَارُ حِينَئِذٍ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الشَّفَاعَةِ حَيْثُ اعْتَذَرَ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ لِلْأُمَمِ بِأَنَّ اللَّهَ غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ سِوَى نَبِيِّنَا فَلَمْ يَعْتَذِرْ بَلْ طَلَبَ لِأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: سَجْرُ جَهَنَّمَ سَبَبُ فَيْحِهَا، وَفَيْحُهَا سَبَبُ وُجُودِ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَهُوَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ سَلْبِ الْخُشُوعِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يُصَلَّى فِيهَا، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ سَجْرَهَا مُسْتَمِرٌّ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَالْإِبْرَادُ مُخْتَصٌّ بِشِدَّةِ الْحَرِّ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ، فَحِكْمَةُ الْإِبْرَادِ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ، وَحِكْمَةُ التَّرْكِ وَقْتَ سَجْرِهَا لِكَوْنِهِ فِي وَقْتِ ظُهُورِ أَثَرِ الْغَضَبِ قَالَهُ الْحَافِظُ، وَاسْتِدْرَاكُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنِ الِاخْتِصَاصِ، أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ نَدْبِ الْإِبْرَادِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَيُزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ فَلَا اسْتِدْرَاكَ.
(وَذَكَرَ) النَّبِيُّ ﷺ فَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَوَهِمَ مَنْ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ مُعَلَّقًا، وَقَدْ أَفْرَدَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ذَكَرَ («أَنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا») حَقِيقَةً بِلِسَانِ الْمَقَالِ كَمَا رَجَّحَهُ مِنْ فُحُولِ الرِّجَالِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَعِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَابْنُ الْمُنِيرِ وَالتُّورِبِشْتِيُّ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ سِوَى مَا يَخْطُرُ لِلْوَاهِمِ مِنَ الْخَيَالِ.
(«فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنَفَسَيْنِ») تَثْنِيَةُ نَفَسٍ بِالْفَتْحِ («نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ») الرِّوَايَةُ بِجَرِّ نَفَسٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِذْ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ: " «فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ» " أَيْ وَهُوَ شِدَّةُ الْبَرْدِ.
وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " «قَالَتِ النَّارُ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأْذَنْ لِي أَتَنَفَّسُ فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ
1 / 111