153

شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية

شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية

Жанры

معنى الغياث والمغيث وهل هو من أسماء الله
قال رحمه الله تعالى: [وقد يكون في كلام الله ورسوله ﷺ عبارة لها معنى صحيح، لكن بعض الناس يفهم من تلك غير مراد الله ورسوله ﷺ، فهذا يرد عليه فهمه، كما روى الطبراني في معجمه الكبير (أنه كان في زمن النبي ﷺ منافق يؤذي المؤمنين، فقال أبو بكر الصديق ﵁: قوموا بنا لنستغيث برسول الله ﷺ من هذا المنافق، فقال النبي ﷺ: إنه لا يُستغاث بي، وإنما يُستغاث بالله)، فهذا إنما أراد به النبي ﷺ المعنى الثاني، وهو أن يُطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله، وإلا فالصحابة كانوا يطلبون منه الدعاء ويستسقون به كما في صحيح البخاري عن ابن عمر قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي ﷺ يستسقي، فما ينزل حتى يجيش له ميزاب.
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل وهو قول أبي طالب؛ ولهذا قال العلماء المصنفون في أسماء الله تعالى: يجب على كل مكلف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله، وأن كل غوث فمن عنده، وإن كان جعل ذلك على يدي غيره فالحقيقة له ﷾ ولغيره مجاز.
قالوا: من أسمائه تعالى المغيث والغياث، وجاء ذكر المغيث في حديث أبي هريرة قالوا: واجتمعت الأمة على ذلك.
وقال أبو عبد الله الحليمي: الغياث هو المغيث، وأكثر ما يقال: غياث المستغيثين، ومعناه: المدرك عباده في الشدائد إذا دعوه ومجيبهم ومخلّصهم، وفي خبر الاستسقاء في الصحيحين: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا).
يقال: أغاثه إغاثة وغياثًا وغوثًا، وهذا الاسم في معنى المجيب والمستجيب، قال تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ [الأنفال:٩]، إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال، والاستجابة أحق بالأقوال، وقد يقع كل منهما موقع الآخر].

12 / 9