العلماء: العبد لا يكون واليًاَ ولكن ضرب به المثل على التقدير وإن لم يكن، كقوله ﷺ: "من بنى لله مسجدًا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة" ١ ومفحص قطاة لا يكون مسجدًا ولكن الأمثال يأتي فيها مثل ذلك. ويحتمل أن النبي ﷺ أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله حتى توضع الولاية في العبيد فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا تغليبًا لأهون الضررين وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته لئلا يفضي إلى فتنة عظيمة.
وقوله: "وإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافًا كثيرًا" هذا من بعض معجزاته ﷺ: أخبر أصحابه بما يكون بعده من الاختلاف وغلبة المنكر وقد كان عالما به على التفصيل ولم يكن بينه لكل أحد إنما حذر منه على العموم وقد بين ذلك لبعض الآحاد كحذيفة وأبي هريرة وهو دليل على عظم محلهما ومنزلتهما.
وقوله: "فعليكم بسنتي" السنة الطريقة القويمة التي تجرى على السنن وهو السبيل الواضح "وسنة الخلفاء الراشدين المهديين" يعني الذين شملهم الهدى وهم الأربعة بالإجماع: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ﵄ أجمعين.
وأمر ﷺ بالثبات على سنة الخلفاء الراشدين لأمرين: أحدهما: التقليد لمن عجز عن النظر.
_________
١ رواه ابن ماجه في المساجد والجماعات باب من بنى لله مسجدًا رقم ٧٣٨. القطاة: نوع من الطيور. وقوله: كمحفص قطاة: هو موضعها الذي تجثم فيه وتبيض، لأنها تفحص عنه التراب، وهذا مذكورة لإفادة المبالغة، وإلا فأقل المسجد أن يكون موضعًا لصلاة واحدٍ.
1 / 97