وقال أيضًا: (هذا الحديث خرَّجه ابن ماجه من رواية خالد بن عمرو القرشي، عن سفيان الثوري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وقد ذكر الشيخ ﵀ أن إسناده حسن، وفي ذلك نظر، فإن خالد بن عمرو القرشيَّ الأمويَّ، قال فيه الإمام أحمد: منكر الحديث، وقال مرَّةً: ليس بثقة، يروي أحاديث بواطيلَ، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيءٍ، وقال مرة: كان كذَّابًا يكذب) (١) وقد أطال في تخريجه جدَّا.
ثالثًا: المنهج المبين لأبي حفصٍ الفاكهانيِّ المالكيِّ ﵀:
لم أجد له عنايةً بالصِّناعة الحديثيَّة في القسم المحقَّق. اللهم إلَّا أنَّه أشار في حديثٍ واحدٍ إلى مخالفته لتحسين الإمام النوويِّ ﵀ له، فقال في حديث ابن عبَّاس: «لو يعطى النَّاس بدعواهم ...»: (جعله هذا الحديث حسنًا فيه نظرٌ، والذي في العمدة لعبد الغني ﵀: عن ابن عباسٍ ... ولكن اليمين على المدَّعى عليه، قال: فكان ينبغي أن يذكر ما في الصحيحين، ويقول: زاد البيهقيُّ وغيره من طريقٍ حَسنٍ: «ولكن البينة على المدَّعي») (٢).
رابعًا: الفتح المبين لابن حجرٍ الهيتميِّ الشافعيِّ ﵀:
للعلَّامة ابن حجرٍ الهيتميِّ - بعض العناية بالصناعة الحديثيَّة- ونقد المرويَّات -وإن لم يكن مكثرًا - لكن له مشاركاتٌ جيِّدةٌ منها:
قوله في حديث معاذ التاسع والعشرين:
(حديثٌ حسنٌ) بل صحَّحه ابن الصلاح، وممن حسَّنه أيضًا الحافظ أبو بكر بن السَّمعانيُّ في "أماليه"، وقول الذَّهبيِّ: إنَّ راويه مكحولًا لم يدرك أبا ثعلبة تبع فيه إنكار أبي مسهرٍ لسماعه منه، ووافقه أبو زرعة وأبو حاتمٍ فقال: دخل عليه ولم يسمع منه، لكن خالفهم ابن معينٍ فقال: إنَّه سمع منه، والقاعدة الأصوليَّة: أنَّ الإثبات مقدَّمٌ على النَّفي ترجَّح ما قاله ابن معينٍ؛ فلذا اعتمده المصنِّف وغيره.
ويؤيِّده: أنَّه معاصرٌ له بالسِّنِّ والبلد، فاحتمال سماعه منه أقرب من عدمه، وكونه
_________
(١) جامع العلوم والحكم (١٧٤).
(٢) المنهج المبين (٤٨٧).
1 / 68