المبحث التاسع: وفاته
من سنة الله في الحياة أنّه قلَّ أن يبرز عالم بين أهل عصره، إلا وحسد، وأوذي من قبل معاصريه، وقد تعرَّضَ المُنَاويّ ﵀ لشيءٍ من ذلك؛ لذلك في كثير من مصنفاته يعرض بحساده.
فمن ذلك قوله- في مقدِّمة كتابه فيضِ القَديرِ-: (ولما منّ الله تعالى بإتمام هذا التقريب، وجاء بحمد الله آخذًا من كلّ مطلب بنصيب، نافذًا في الغرض سهمه المصيب، كامدًا قلوب الحاسدين، بمفهومه ومنطوقه، راغمًا أنوف المتصلفين، لما استوى على سوقه، سميته: "فيض القدير بشرح الجامع الصغير) (١).
قال المحبِّيّ- بعد أن ذكر فضله-: "وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دس عليه السم فتوالى عليه بسبب ذلك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي" (٢).
فتوفي المُنَاويّ صبيحة يوم الخميس الثالث والعشرين من شهر صفر، سنة إحدى وثلاثين وألف من الهجرة (١٠٣١ هـ) (٣)، وهو ابن ثمان وسبعين سنة. أسف على المُنَاويّ خلق كثيرون، ممن كان يعرف مقاماته، ووقف على أحواله، وصلّي عليه بالجامع الأزهر يوم الجمعة، وكان الجمع حافلًا، ودفن بجانب زاويته التي أنشأها، فرحمه الله رحمةً واسعةً (٤).
* * *
_________
(١) فيض القدير (١/ ٣).
(٢) خلاصة الأثر (٢/ ٤٠٠).
(٣) وذهب الشوكانيُّ في البدر الطالع (١/ ٣٥٧) إلى أنَّ وفاته (١٠٢٩ هـ).
(٤) انظر في المصدر السابق.
1 / 47