اختصاص الله ﷾ بعلم الغيب
﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [المؤمنون:٩٢].
من خصائصه سبحانه تعالى: أنه عالم الغيب والشهادة، وأما غيره فإنه لا يعلم من الغيب إلا ما علَّمه الله ﷾ إياه، ولهذا كان علم الغيب من خصائص الرب ﷾؛ قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾ [الجن:٢٦] وقال تعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل:٦٥] وهذا العموم على إطلاقه، فلا أحد يعلم الغيب، لا الملائكة ولا الأنبياء، ولا محمد ﷺ؛ فضلًا عمن يسمون بالأولياء والأئمة والأغواث والأبدال وغير ذلك من مصطلحات التصوف، فلا أحد في السماوات أو في الأرض يعلم الغيب إلا الله ﷾.
ولا شك أن الملائكة والأنبياء علَّمهم الله طرفًا من غيبه، فهذا لا إشكال في إثباته، ولكن العلم بمفصل الغيب هو حق الله ﷾ الذي لا يصح لأحد أن يؤتيه الله إياه.
ولهذا من ادعى في مخلوقٍ سواء كان ملكًا أو رسولًا أو نبيًا أو صالحًا أو وليًا أنه يعلم غيب السماوات والأرض، فهذه الدعوى من أكفر الكفر وأعظم الشرك بالله ﷾ والإبطال لحقه ولعظمته ولربوبيته.
وكذلك قوله: (وَالشَّهَادَةِ) فلا أحد في السماوات والأرض يعلم الشهادة على إطلاقها، وإن كان عامة بني آدم وعامة من خلق الله يعلمون أشياء من الشهادة، فكل إنسان يعلم جزءًا من عالم الشهادة ..
يعلم جزءًا مما يتعلق بنفسه وجزءًا مما يدور حوله.
أما الإحاطة بعالم الشهادة فهو محض حق الله ﷾، فلا الجن ولا السحرة ولا الكهان يعلمون سائر موارد الشهادة.
10 / 12