شرح المحرر في الحديث - عبد الكريم الخضير
شرح المحرر في الحديث
Издатель
دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير
Жанры
Хадисоведение
«المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» ومن مقتضى طول العنق أنه يشرف على ما لا يشرف عليه غيره، ويسلم مما لا يسلم منه غيره، حينما العرق يلجم الناس على حسب أعمالهم هذا المؤذن طال عنقه ويسلم من ذلك، وهذا شرف، ومنهم من يقول: إنه يطول عنقه ليرى ما أعد له قبل غيره، ومنهم من يقول: الضبط بكسر الهمزة «المؤذنون أطول الناس إعناقًا يوم القيامة» يعني أنهم يسيرون العنق، والعنق ضرب من السير الشديد، فهم يجرون جريًا، والناس يمشون مشيًا.
على كل حال كلها أقوال ومفاد الحديث ذكر فضل المؤذنين، وجاء في الخبر وهو ضعيف: «من أذن ثنتي عشرة سنة لم تمسه النار» لكنه خبر ضعيف.
والقرطبي ذكر أخبار وآثار وأحاديث جلها لا يثبت في تفسيره في أول موضع ذكر فيه الأذان في القرآن، أين؟ في المائدة؟ ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ﴾ [(٥٨) سورة المائدة] هذا أول موضع يذكر فيه الأذان.
«المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» قد يكون من الناس الذين فضل عليهم المؤذنون ممن هم أفضل منهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة، يدخل في الناس الأنبياء والشهداء والعلماء والصالحون يدخل في هذا سائر الناس، فهل معنى هذا أنهم يختصون بهذه الخصيصة دون غيرهم ممن يفضلهم؟ نعم هل نقول: إن المؤذنين أطول الناس بما فيهم الأنبياء؟ نعم؟
المؤذن يبلغ الناس كلمة التوحيد، ويدعو الناس إلى أفضل العبادات، فله فضيلة، وله مزية، وله شرف، لكن هل يقتضي ذلك أنه أشرف من غيره، ويختص بهذه الخصيصة دون غيره؟ أطول؛ لأنه قد يكون في غيرهم طول، في غيرهم من الشهداء والصالحين والعلماء وقبلهم الأنبياء في أعناقهم طول، لكن هؤلاء –أعني المؤذنين- بما فيهم من متعلمين وعامة لأن الأذان لا يقتصر على المتعلمين، هل نقول: إن هؤلاء العامة الذين لا يحسنون ولا قراءة القرآن أطول أعناقًا من سائر الناس بما فيهم الأنبياء والشهداء والصالحين؟ أو نقول: إن الناس عام يراد به الخصوص وإلا فالأصل العموم؟ أو نقول: إن المراد العموم وهم أطول الناس أعناقًا، ويختصون بهذه الخصيصة دون من سواهم، وكون الإنسان يختص بشيء لا يعني أنه أفضل من غيره من كل وجه.
5 / 13