============================================================
المرصد الخامس - المقصد الثالث : النظر الصحيح عند الجمهور بخلاف النظري، لأن موجبه النظر، فإذا غفل عن النظر أمكنه أن يعتقد ما يناقض ذلك النظر، فيكون النظرى مع وجوب حصوله عن النظر مقدورا للبشر، فلا يقبح التكليف به (وأيضا) إن سلمنا أن التكليف متعلق بالنظري الذي هو غير مقدور (فهذا) الذي ذكرتموه من قبح التكليف بغير المقدور (إنما يلزم المععزلة النافين للجبر القائلين بحكم العقل) في تحسين الأفعال وتقبيحها، ولا يلزمنا فإن جميع الأفعال حسنة بالنسبة إلى الشارع جائزة الصدور عنه عندنا. الشبهة (الثامنة لو أفاد) النظر (العلم فإما) أن يكون ذلك (معه أو بعده والأول باطل إذ لا يجتمعان) لأن النظر مضاد للعلم بالمنظور فيه، ومشروط بعدمه (وكذا الثاني) باطل أيضا (لجواز طرر ضد العلم بعده) أي بعد النظر بلا مهلة (كنوم أو موت) أو غفلق فلا يتصور حينيذ حصول العلم بعده (قلنا: يفيد بعده بشرط عدم طرو الضد كما أومأنا إليه عند تحرير المبحث) حيث قلنا: كل نظر صحيح في القطعيات لا يعقبه ضد للعلم قوله: (فهذا الذي ذكرتموه إلخ) لو بدل قوله فيقبح التكليف به يقولنا، فلا يقع التكليف به اندفع هذا الجواب.
قوله: (لو أفاد النظر العلم إلخ) ولا تجري في إفادته الظن لأنا نختار الشق الثاني، ونقول: إنه يفيد الظن مع إمكان التخلف عنه: قوله: (لو افاد النظر إلخ) تقريره انه لو أفاد النظر في الدليل العلم، لكان النظر واقعا في الدليل، وكلما كان واقعا فيه، فالدليل المنظور فيه موجبه، إما نفس المدلول أو العلم به إذا لا يجوز، أن لا يوجب شيئا وإلا لم يكن الدليل دليلا ولا امرا ثالثا، إذ لا تعلق له بالدليل، لكن التالي اعني كون موجبه أحد الأمرين باطل لما بينه، المقدم مثله ثم الترديد بين موجب الدليل مبني على آن الدليل المنظور فيه إما مغاير للنظر في الدليل، فيكون موجب احدهما غير مرجب الآخر او عينه بناء على أن الموجب مجموع النظر والدليل والفرق بمجرد التعبير فيكون الحكم الضرورى موجب له، يمتنع تخلفه عنه بخلاف النظري لا يفيد عدم مقدورية الأوليات مطلقا، واما ثالشا فلان الباء في قول المصنف بالنظر إذ لم يجعل صلة للتكليف بل للسببية يمكن ارجاع كلام المصنف إلى هذا الجواب فليتامل.
قوله: (إنما يلزم المعتزلة إلخ) لا يذهب عليك أن التكليف بغير المقدور، وإن كان جائزا عند الأشاعرة، فالصحيح عندهم أنه غير واقع، فيمكن تقرير الشبهة بالنظر إلى وقوع التكليف بالنظري، وحينيذ يندفع هذا الوجه من الجواب لكن إنما اورده نظرا إلى التقرير السابق، حيث بني الكلام فيه على قبح التكليف، وقد يقال: تجويز التكليف بمثله ممنوع أيضا، إنما المجوز هو المعنيان من الثلاثة على ما سيفصل في الالهيات وهو غيرهما.
قوله: (الثامتة لو افاد إلخ) متقوض بإفادة الظن المتفق عليها.
Страница 239