شرح الأربعين النووية لعطية سالم
شرح الأربعين النووية لعطية سالم
Жанры
معنى: (أشهد أن محمدًا رسول الله)
إذا قلت: (أشهد أن محمدًا رسول الله)، فمعنى الرسالة أن الله أرسله، والرسول لابد أن تكون معه رسالة، إذًا لا يوجد رسول بدون رسالة، ولا يسمى رسولًا إلا برسالة معه، فتؤمن بالرسول وبالرسالة التي جاءك بها من عند من أرسله.
ومن لوازم (لا إله إلا الله): أنك لا تعبد سواه، وتؤمن به وبكل ما جاء عنه، وإذا قلت: (محمد رسول الله)، كان يلزمك أن لا تعبد الله الذي ما آمنت به إلا عن طريق هذا الرسول وبمقتضى الرسالة التي جاءك بها، فإن عصيت رسول الله، فحقيقة المعصية معصية لمن أرسله إليك، ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ﴾ [المائدة:٩٩]، وقد قال اللهم بلغت اللهم فاشهد، وانتهى من المهمة، وبقي التنفيذ عليك، وبقي تمام الالتزام منك.
ومن هنا يقول ﷺ: (كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول مرسله سبحانه: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧]، ثم يقول أيضًا: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٣-٤] .
إذًا: معنى قولك: (أشهد أن محمدًا رسول الله) التزام طاعة رسول الله، وهي طاعةٌ لله: (من أطاعني فقد أطاع الله)، ونحن نشبه ونقول إيضاحًا لهذا الالتزام: إنه في العرف الدبلوماسي يعبرون بقولهم: تبادل السفراء بين الدول؛ لأن الدولة لا تتعامل مع الدولة بأن يأتي وزراء الدولة كلهم إلى وزراء الدولة الأخرى بكل حاجياتهم، ولكن يختار رئيس الدولة مبعوثًا عنه يسمى سفيرًا، فيأتي ويقدم أوراق اعتماده إلى الدولة التي هو سفير فيها، وبعد ذلك يكون سفيرًا رسميًا بين الدولتين، وكل ما يأتي به هذا السفير من دولته إلى الدولة التي هو مبعوث إليها يكون كلامه لا باسمه الشخصي ولكن باسم دولته ورئيسها، فإذا قبلت تلك الدولة ما جاءهم بها كانت العلاقة حسنة وتواصلت الروابط الدبلوماسية، وإذا رفضت ما جاء به كان تعكر الجو السياسي، وسحب كل بلد سفيره، وربما قطعوا العلاقات الدبلوماسية، لأنهم رفضوا ما جاء به السفير من عند دولته، والرسول ﷺ جاء بأوراق اعتماده من المعجزات الباهرات حسيًا ومعنويًا.
4 / 5