شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
Жанры
إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة
قال المؤلف ﵀: [وقوله ﷺ: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا)، متفق عليه.
إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله ﷺ عن ربه بما يخبر به] .
حديث: (اللهم رب السماوات السبع والأرض، ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء) هذا يفيد -إضافة إلى العلو- المعية؛ لأن إحاطته ﷾ تدل على معيته، فالمعية هنا من حيث المعنى لا من حيث اللفظ إحاطته بالخلق مكانًا وزمانًا تدل على معيته ﷾.
قوله: (إنكم سترون ربكم) إثبات رؤية الرب جل وعلا، ورؤية الله ﷾ سيتكلم عنها المصنف ﵀ في الفصول القادمة.
أفاد الحديث أن أهل الإيمان سيرون الرب ﷾؛ لقوله: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته) لا تضامون بالتخفيف والتشديد، لا تضامون، أي: لا يلحقكم ضيم، يعني: ضر، ولا تضامون، أي: لا ينضم بعضكم إلى بعض، وكلا المعنيين صحيح، والمراد: نفي الضرر ونفي الضيق في رؤية الله جل وعلا.
(إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته)، يعني: كما يرى الإنسان القمر ليلة البدر، وهل يحتاج إلى أن يقرب القمر ليلة البدر من أحد ليراه؟ الجواب: لا، بل كل يراه في مكانه، بخلاف الهلال في أول الشهر فإن الناس قد يحتاجون إلى التضام، وينضم بعضهم إلى بعض، ويقول بعضهم لبعض: انظر هذا هو الهلال أو انظر هنا أو انظر هناك، فينضم بذلك بعضهم إلى بعض، أما رؤية المؤمنين لربهم ﷿ فهي كرؤيتهم للقمر ليلة البدر.
فأخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن رؤية المؤمنين لربهم، وشبه رؤيتهم لربهم ﷾ برؤيتهم للقمر ليلة البدر، لكن هل شبه المرئي بالمرئي؟ الجواب: لا، فلم يقل: إن الله كالقمر، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وإنما أراد تحقيق الرؤية وأنها كما نرى أعظم الأشياء ظهورًا وهما الشمس والقمر، وكذلك نراه جل وعلا متجليًا لعباده المؤمنين، وهذه الرؤية لا يلزم منها الإدراك كما قال ﷾: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ [الأنعام:١٠٣]، وإنما هي رؤية تنعيم لا يدرك فيها العبد المرئي، إنما يراه رؤية لا إدراك فيها، كما أننا الآن ننظر إلى الشمس والقمر ونراهما وهما من خلق الله ﷿، ولا ندرك لا الشمس ولا القمر، فما يستطيع الإنسان أن يدرك القمر ولا أن يدرك الشمس، فكذلك رؤية الرب جل وعلا.
ثم بعد أن أخبر بهذا الفضل وهذه المنة بين النبي ﷺ طريقها فقال: (فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا) وهما: صلاتا الفجر والعصر، وقد قال النبي ﷺ: (من صلى البردين دخل الجنة)، ففضائل هاتين الصلاتين كثيرة، ومنها: حصول رؤية الرب جل وعلا، نسأل الله ﷿ أن يجعلنا ممن يراه رؤية تنعيم وإكرام.
قال المؤلف ﵀: [إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله ﷺ عن ربه بما يخبر به]، المراد: أنه مثل ببعض أحاديث الصفات، ولم يستوعب، وكل هذه الأحاديث يجري فيها أهل السنة والجماعة على سنن واحد وعلى طريقة واحدة كما سيبين المؤلف ﵀.
13 / 3