144

Шарх аль-ʻАкида ат-Тахавийя - Насир аль-Акл

شرح العقيدة الطحاوية - ناصر العقل

Жанры

تنزه الله ﷻ عن أن تبلغه أوهام المتوهمين وأفهامهم
قال رحمه الله تعالى: [قوله: (لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام): قال الله تعالى: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه:١١٠]، قال الجوهري في الصحاح: توهمت الشيء: ظننته، وفهمت الشيء: علمته.
فمراد الشيخ ﵀: أنه لا ينتهي إليه وهم، ولا يحيط به علم.
قيل: الوهم ما يرجى كونه، أي: يظن أنه على صفة كذا، والفهم: هو ما يحصله العقل ويحيط به.
والله تعالى لا يعلم كيف هو سبحانه إلا هو ﷾، وإنما نعرفه سبحانه بصفاته، وهو أنه أحد، صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [البقرة:٢٥٥]، ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر:٢٣ - ٢٤]].
هذه الإشارة التي أشار إليها الإمام الطحاوي ﵀ ثم شرحها الشارح، وهي قوله: (لا تبلغه الأوهام) فيها تصريح بأن كل ما خاض فيه الناس من أسماء الله وصفاته بغير ما ورد في الكتاب والسنة والآثار الصحيحة إنما هو أوهام، وهذا هو الحق.
فكل خوض في أسماء الله وصفاته وأفعاله وفي سائر أمور الغيب بما لم يرد في الكتاب والسنة، ولا فيما فهمه أئمة السلف من المفاهيم القطعية لهذه النصوص؛ إنما هو أوهام، والأوهام لا تعتقد، بل هي رجم بالغيب، وهي إساءة أدب في حق الله ﷾، بل هي اتباع للمتشابه وإلحاد في كلام الله وأسمائه وصفاته.
فما تكلم به المتكلمة من الجهمية والمعتزلة، ثم من متكلمي الأشاعرة والماتريدية والكلابية، ومن نحا نحوهم من الذين تكلموا في ذات الله وأسمائه وصفاته بغير ما قاله السلف بناءً على النصوص الشرعية، كل ذلك إنما هو خوض بالأوهام، حيث توهموا أمورًا في أذهانهم فجعلوها عقيدة، ولذلك نجد أنهم يسمون أوهامهم علم التوحيد، وهذا هو السائد عند أغلب هؤلاء، تجدهم إذا عرفوا علم التوحيد قالوا: هو الكلام.
ويقصدون بالكلام أوهامهم التي توهموها وقالوها بغير حق في الله ﷾.
إذًا: الإشارة إلى الأوهام هنا فيها تأكيد على أن ما قاله الناس في الله تعالى وأسمائه وصفاته من غير ما ورد في النصوص إنما هو توهمات، والتعويل عليه إنما هو تعويل على الوهم الذي لا أصل له، بل هو الباطل.

13 / 10