298

Шамаил ар-Расул

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Издатель

دار القمة

Номер издания

-

Место издания

الإسكندرية

Жанры

وقوله ﷺ: «لو كانوا يعلمون»، فوصف الذين يرغبون عنها ويفضلون الرخاء بعدم العلم، وفي هذا أعظم الذم والتقبيح لفعلهم، قال ابن حجر ﵀: (فيه تجهيل لمن فارقها وآثر عليها غيرها، وقال: أي ليتهم كانوا من أهل العلم تغليظا وتشديدا) «١» . كما أنه نقل عن الطيبي «٢» موضع الذم بقوله: (نكّر الحديث قوما ووصفهم بكونهم يبسون ثم أكد بقوله: «لو كانوا يعلمون»؛ لأنه يشعر بأنهم ممن ركن إلى الحظوظ البهيمية والحطام الفاني وأعرضوا عن الإقامة في جوار الرسول ﷺ ولذلك كرر قوما ووصفهم في كل قرينة بقوله: «يبسّون» استحضارا لتلك الهيئة القبيحة) «٣» .
٣- في الحديث أبلغ الحث، بل هو المنتهى في الحث، على سكنى المدينة حيث إن النبي ﷺ قد وعد أهلها وعدا عظيما وبشرهم بشرى فيها غاية الحبور والسرور لهم، من تحققت في حقه فقد فاز فوزا عظيما، ألا وهي شفاعته وشهادته ﷺ لأهلها يوم القيامة،
[مسائل]
وهناك بعض المسائل يجب توضيحها وهي:
المسألة الأولى:
رجّح القاضي عياض أن (أو) في قوله ﷺ: «كنت له شفيعا أو شهيدا» ليست للشك من الرواة لاتفاق روايات كثيرة بإثبات (أو)، وقال نقلا عن بعض شيوخه:
(فإما أن يكون أعلم بهذه الجملة هكذا وإما أن يكون (أو) للتقسيم ويكون شهيدا لبعض أهل المدينة وشفيعا لبقيتهم، إما شفيعا للعاصين وشهيدا للمطيعين، وإما شهيدا لمن مات في حياته وشفيعا لمن مات بعده) «٤» .
المسألة الثانية:
يشترط لثبوت شفاعة النبي ﷺ وشهادته لأهل المدينة أن يصبروا على ما قد يعانونه في المدينة من شدة وجوع وجهد، صبر مع الإيمان والاحتساب، صبر دون ضجر ولا شكوى؛ لقوله ﷺ: «ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة» .
المسألة الثالثة:
يحرم قطعا شفاعة النبي ﷺ أهل البدع الذين يحدثون في دين الله ما ليس منه، ودليله ما ورد عند الشيخين عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد يقول:

(١) فتح الباري (٤/ ٩٣) .
(٢) هو الحسين بن محمد الطيبي نسبة إلى طيبة وهي من بلاد إقليم الغربية بمصر. توفي سنة (٧٤٣ هـ)، انظر الأعلام للزركلي (٣/ ٢٣٥)، وفي ذيل تذكرة الحفاظ (١/ ٨٥) .
(٣) فتح الباري (٤/ ٩٣) .
(٤) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٣٧) .

1 / 304