<div dir="rtl" id="book-container">
وإلا لوقع الشك في كثير من ضروريات هذا الدين الواضح البرهان انتهى. باختصار وفي باب كيفية تلقي الأمة الشرع من النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجة الله البالغة لولي الله المحدث العلامة النابغة الشيخ أحمد الدهلوي تقرير نفيس رأيت أن نذكره بنصه لما فيه من الفوائد، قال روح الله روحه أعلم أن تلقي الأمة منه الشرع على وجهين أحدهما تلقي الظاهر ولا بد أن يكون بنقل إما متواتر أو غير متواتر والمتواتر منه المتواتر لفظا كالقرآن العظيم وكنبذ يسيرة من الأحاديث، منها قوله: "إنكم سترون ربكم". ومنه المتواتر معنى ككثير من أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصوت والحج والبيوع والنكاح والغزوات مما لم تختلف فيه فرقة من فرق الإسلام وغير المتواتر أعلى درجاته المستفيض وهو ما رواه ثلاثة من الصحابة فصاعدا ثم لم يزل يزيد الرواة إلى الطبقة الخامسة وهذا قسم كثير الوجود وعليه بناء رؤوس الفقه ثم الخبر المقضي له بالصحة أو الحسن على ألسنة حفاظ المحدثين وكبرائهم ثم أخبار فيها كلام قبلها بعض ولم يقبلها آخرون فما اعتضد منها بالشواهد أو قول أكثر أهل العلم أو الفعل الصريح وجب اتباعه. وثانيهما التلقي دلالة وهي أن يرى الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول أو يفعل فاستنبطوا من ذلك حكما من الوجوب وغيره فأخبروا بذلك الحكم فقالوا الشيء الفلاني واجب وذلك الآخر جائز ثم تلقي التابعون من الصحابة كذلك فدون الطبقة الثالثة فتاواهم وقضاياهم وأحكموا الأمر. وأكابر هذا الوجه عمر وعلي وابن مسعود وابن العباس رضي الله عنهم لكن كان من سيرة عمر رضي الله عنه أنه كان يشاور الصحابة ويناظرهم حتى تنكشف الغمة ويأتيه الثلج فصار غالب قضاياه وفتاواه متبعة في مشارق الأرض ومغاربها وهو قول: إبراهيم لما مات عمر رضي الله عنه: ذهب تسعة أعشار العلم. وقول ابن مسعود رضي الله عنه: كان عمر إذا سلك طريقا وجدناه سهلا. وكان علي رضي الله عنه لا يشاور غالبا وكان أغلب قضاياه بالكوفة ولم يحملها عنه إلا ناس وكان ابن مسعود رضي الله عنه بالكوفة فلم يحمل عنه غالبا إلا أهل تلك الناحية. وكان ابن عباس رضي الله عنهما اجتهد بعد عصر الأولين فناقضهم في كثير من الأحكام واتبعه في ذلك أصحابه من مكة ولم يأخذ بما تفرد به جمهور أهل الإسلام وأما غير هؤلاء الأربعة فكانوا يراؤون دلالة ولكن ما كانوا يميزون الركن والشرط من الآداب
Страница 26