Шаджарат Дурр
شجرة الدر: قصة تاريخية
Жанры
وشجرة الدر - أو شجر الدر كما جاء في بعض التواريخ - اسم مشهور جدا في تاريخ مصر، بل إنها تعتبر أشهر امرأة في هذا التاريخ، لعدة أسباب:
منها: أنها أول امرأة وآخر امرأة تولت عرش مصر الإسلامية، فلا نعرف امرأة قبلها ولا بعدها - منذ أول عهد الإسلام إلى اليوم - تولت عرش هذه البلاد، تأمر وتحكم وتولي وتعزل، وتسير الجيوش للحرب، وتوقع معاهدات الصلح، وتعين الوزراء، وتعقد الألوية للقواد، وينقش اسمها على الدراهم والدنانير، ويدعى لها على المنابر في المساجد.
ومنها: أنها كانت أول «مملوكة» تجلس على العرش، فتصير ملكة يدين لها الملايين بالطاعة والولاء، بعد أن كانت جارية مشتراة بالمال، يأمرها سيدها فتأتمر، وينهاها فتنتهي!
ومنها: أن عهدها كان حدا فاصلا بين مرحلتين من مراحل التاريخ؛ فقد كانت ولايتها آخر عهد الدولة الأيوبية، وأول عهد المماليك.
ومنها: أن عصرها كان مزدحما بالحوادث التاريخية العظيمة؛ ففي عهدها انكسر الصليبيون كسرة شنيعة، وكانوا قد زحفوا من فرنسا وسائر بلاد أوربة، ليستولوا على مصر والشام؛ فانهزموا عند مدينة المنصورة شر هزيمة، وقتل قوادهم وأسر ملكهم لويس التاسع ملك فرنسا، واعتقل في دار الأمير فخر الدين بن لقمان بالمنصورة، فلم يفرج عنه إلا بعد أن افتدى نفسه بمال، وعاهد على ألا يعود إلى غزو مصر.
وفي عهدها كان قد بدأ زحف المغول من أواسط آسيا على البلاد الإسلامية للاستيلاء عليها وإذلال أهلها، واستمر زحفهم حتى استولوا على كثير من البلاد الإسلامية، وتوغلوا فيها يفتكون ويهتكون ويسفكون الدم ويحطمون العروش، حتى أوشكوا أن يبلغوا حدود مصر بعد أن قطعوا إليها مئات الآلاف من الأميال؛ ثم كانت هزيمتهم الساحقة الماحقة على يد الجيش المصري في موقعة «عين جالوت» بفلسطين، بعد وفاة شجرة الدر بأمد قليل، فلم تقم لهم قائمة بعد هذه الهزيمة التي لم ينهزموا قبلها قط.
وفي عهدها بدأت عادة تسيير المحمل في كل عام من مصر إلى الحجاز في موسم الحج، يحمل كسوة الكعبة كما يحمل كثيرا من المؤن والأموال لأهل بيت الله الحرام، وتصحبه فرقة كبيرة من الجيش المصري لحماية الحجاج. وما تزال هذه العادة متبعة إلى اليوم.
وفي عهدها نبغ كثير من الأدباء والشعراء المصريين الذين يذكرون في تاريخ الأدب العربي؛ كبهاء الدين زهير، وجمال الدين بن مطروح وغيرهما ...
ومن أسباب شهرتها وبقاء اسمها مذكورا إلى اليوم المسجد العظيم الذي بنته في حي الخليفة في القاهرة؛ لتدفن فيه بعد موتها، ولم يزل قائما إلى اليوم - بالقرب من مسجد السيدة نفيسة - يقصده الزوار وتؤدى فيه الصلوات.
وما يزال اسم زوجها الملك الصالح كذلك مذكورا مشهورا في مصر إلى اليوم؛ وجميع أهل القاهرة يعرفون «كوبري الملك الصالح»، الذي يوصل بين الفسطاط وجزيرة الروضة؛ وسبب تسمية هذا الجسر بهذا الاسم أن الملك الصالح نجم الدين أيوب - زوج شجرة الدر - بنى له قصرا وقلعة في هذه الجزيرة التي يوصل إليها هذا الجسر، أما القصر فكان يقيم فيه هو وزوجه شجرة الدر، وأما القلعة فكان يقيم فيها - بالقرب منه - مماليكه الأتراك الذين صاروا فيما بعد ملوكا؛ ولذلك يسمون في التاريخ باسم «المماليك البحرية»؛ لأن قلعتهم هذه كانت تشرف على البحر؛ أي النيل.
Неизвестная страница