فنفخ الرجل متسائلا: ما دينك يا فتاة؟ - ديني؟! - ألا تعرفين الدين؟ - الدين!
فسألها بحدة: ماذا جاء بك إلي؟ - أنت الذي أمرتني أن أجلس فجلست. - ولكني رأيتك قادمة نحوي؟ - نحو الضريح! - لماذا؟ - ظننت أنه يصلح مأوى لي. - أأنت بلهاء أم مجنونة؟
لاذت الفتاة بالصمت، فقال: إنك تعيشين في الخلاء صيفا وتحت البواكي شتاء، فماذا جعلك تبحثين عن مأوى؟
بدا أنها تهم بالكلام ولكنها أطبقت شفتيها راجعة إلى الصمت، فغمغم الرجل في ضجر: إنك شيطانة!
فسألته ببساطة: من أنت؟
فقال بغضب: لا يجهلني إلا الشياطين! - ماذا تعمل؟ - أنت لا تعرفين الشرف أو الدين، فكيف تدركين معنى الولاية؟ - لماذا أنت غاضب؟ - ملعونة أنت في الدارين! - الدارين؟ - في الدنيا والآخرة. - أعرف الدنيا؛ ولكن ما الآخرة؟ - اغربي عن وجهي!
نهضت الفتاة قائمة. سقطت من داخل الجلباب بين قدميها قطعة حلي. انحنت بسرعة فالتقطتها ولكن يد الوالي قبضت على ساعدها بقوة، ثم وثب قائما وهو يقول: ما هذا؟!
هتفت به أن يطلق يدها، ولكنه قبض على منكبيها وراح ينهرها بعنف، فتساقطت قطع الحلي حتى استقرت على الأرض كنزا صغيرا. وفي تلك اللحظة جاء خادم الضريح فرأى الصراع بين الفتاة والولي ورأى الكنز، ردد البصر بينهما ثم حملق في الكنز متسائلا في ذهول: ماذا يحدث؟
فقال الولي: لصة من صعلوكات الطريق. - ماذا جاء بها إلى هنا؟ - توهمت الشيطانة أنه يمكن إخفاء سرقتها في الضريح. - وماذا تنوي أن تفعل بها؟ - ما ينبغي فعله.
وولولت الفتاة: دعني وشأني.
Неизвестная страница