ابتسم التابع ابتسامة غامضة وقال: عندما ماتت الفتاة حل بي تشاؤم غريب. - لم يبد عليك شيء قط. - لا يجوز في عملي أن يبدو على الوجه شيء! - يخيل إلي أنك تتكلم بحزن لأول مرة؟
صمت التابع مليا ثم قال بنبرة اعتراف: كانت حبيبتي الوحيدة في هذه الدنيا! - من؟ - الميتة!
فغر الشاب فاه من ذهوله، فاستطرد الآخر: عشرة ليست بالقصيرة، وبها أصلت نجاحي في هذا الدرب.
ظل الشاب يرمقه بذهول؛ أما هو فقال: والحق قد ماتت بموتها أشياء لا تعد ولا تعوض.
ونهض وهو يهمس: ما علينا!
وأشار إلى المعلمة إشارة خفية، فجاءته بوجه كالح. سألها: هل لان جانبه؟
فقالت بيأس: أصلب من الصخر. - لم تبق إلا دقائق معدودات!
والتفت نحو صديقه وقال: ابتعد دون تردد .
ومضى نحو القهوة في هدوء وثبات. وجعل يقترب من الفتوة باسما حتى وقف بين يديه. وبغتة استل من صدره خنجرا ودفنه في قلب الوحش. انتتر الفتوة قائما جاحظ العينين. ترنح جسمه الضخم ودار حول نفسه، ثم تهاوى كجدار تهدم. وفي الحال أفاق الوحوش من ذهولهم؛ زلزلت القهوة بحركة جائحة. انتصبت أجسام، استلت خناجر، ارتفعت نبابيت، تطايرت شتائم، اهتزت جدران، تحطمت مصابيح، هرولت أقدام. اختفى كل شيء في ظلام حالك، صرخت صفارة الشرطي. ومضى وقت غير قصير في الظلام ... ولما أشعلت المصابيح من جديد تبدى الدرب في منظر مختلف. عند مدخل القهوة انطرحت ثلاث جثث للفتوة والتابع والراقصة! خلا الدرب من جميع الرواد عدا نفر قليل دهمتهم المعركة فاندسوا تحت الأرائك، ثم أخذوا يخرجون من مخابئهم بوجوه شاحبة، على رأسهم الشاب. وطوق المكان قوة من الشرطة والمخبرين بقيادة ضابط مباحث. وانتحت جانبا المعلمة والنسوة بأبصار زائغة. أما رجال العصابة فلم يظهر لهم أثر.
تحول الضابط إلى المعلمة وسألها: ما معلوماتك عن الواقعة؟
Неизвестная страница