وإذا بأضواء كشافة تجتاح البيت من جميع الجهات، فتجعله شعلة من نور، وضاق الخناق على المكان كله، وصاح الصوت: سلم يا عثمان، اخرج رافعا ذراعيك.
وتأوهت متمتما: متى تسكت عني أصوات الشياطين؟
وصاح الصوت الرهيب: ألا ترى أن أي مقاومة عبث ؟
فهمست: لا شيء في الوجود عبث.
واندفعت أقدام مصحوبة بصياح في الناحية الخلفية للبيت الصغير. وخرج شبح إلى الشرفة الأرضية المتصلة بالحديقة وزعق: انتهى ... انتهى ... قبض عليه، وانتهى كل شيء.
وهمست: ليس لشيء نهاية.
واندفع عديد من الأشباح في الحديقة راكضين نحو البيت. وعثر أحد الراكضين بساقي؛ فسقط على وجهه، وصاح: حذار، يوجد آخرون.
وانطلق عيار ناري. وندت عني تأوهة عميقة، وشعرت بألم حاد كأنه ألم حقيقي لا عبث شيطان بحلم.
وتنهدت في إعياء، وفتحت عيني. ماذا يعني هذا الحلم إلا أنني لم أبرأ بعد؟ وكيف أفكر فيك طيلة يقظتي، ثم تعبث بمنامي الأهواء؟ ولكن مهلا، أين أنا؟ أين النجوم؟ أين أعشاب الحديقة، وأشجار السرو؟ هذه سيارة تنطلق، وأنا راقد على مقعد طويل جانبي يجلس على طرفه رجل. وعلى المقعد المواجه لي في الجانب الآخر من السيارة يجلس عثمان صامتا بين رجلين. لا شك أني ما زلت أحلم. وثمة ألم في منكبي يدفعني إلى التأوه، وقال صوت: من المؤكد أن الرصاصة اخترقت الترقوة، ولكنه جرح سطحي لا خطر منه.
ترى ماذا يعني هذا الحلم؟ وأين يذهب بي؟ ومتى يسكن الألم الحاد بمنكبي؟ ومتى أنتصر على الشيطان وعبثه؟ ومتى تختفي من أحلامي الدنيا ومن فيها؟ وتأوهت رغما عني، فقال صوت: اصبر قليلا.
Неизвестная страница