لم يجب، فقال مصطفى ضاحكا: كان اشتراكيا قبل الأوان.
فاتسعت العينان الخضراوان، ولكن زينب قالت لعثمان بلباقة لتحويل المجرى: بثينة شاعرة.
فنظر إلى عمر باسما، وقال: الشعر وراثي في هذه الأسرة!
فقال له مصطفى محذرا: لكن شعرها ترنيمات موجهة للذات الإلهية.
وهم بتفجير سخرية، ولكنه أمسك في اللحظة المناسبة، وقال بأدب: أرجو أن يسعدني الحظ بالاستماع إلى بعض هذه الترنيمات.
ونجح عمر في إخفاء ضيقه، وتناول حمامة محشوة، وقال لنفسه إنها لو أحسنت الطير لما أكلت. ولاحظ مجاملات المائدة المتبادلة بين بثينة وعثمان بارتياح. وإذا بالفتاة تسأل جارها: وكيف صبرت على حياة السجن؟ - صبرت لأنه لم يكن من الصبر بد، وعرفت بحسن السير والسلوك، والظاهر أننا لا نسيء السلوك إلا في المجتمع.
وضحك ثم استطرد: الواقع أن السجن لا يخلو من مزية؛ فالسجناء يمارسون حياة لا طبقية فيها مما نحب أن يتحقق في الحياة. - لكنني لم أفهم شيئا. - سوف تفهمين كلامي إذا أمكن أن أفهم شعرك. - هل قرأت شعر بابا؟ - طبعا. - وهل أعجبك؟
وقال عمر محتجا: كيف بالله تأكلان، وأنتما لا تكفان عن الحديث؟!
ولكن عثمان أحب محادثتها، وقد سألها: هل ستدرسين الآداب في الجامعة ...؟ - العلوم. - برافو، ولكن كيف وأنت شاعرة؟
ثم وهو يغمز بعينه: وكان يهوى اللعب بالقنابل.
Неизвестная страница