فخجلت من المقاطعة الصريحة، وتساءلت: ماذا أقول؟ - أي شيء، ومهما يكن من أمر فأنا أبوك وصديقك، وما بيننا من علاقة لا يمكن أن ينفصم ... (ولاذت بالصمت في تأثر شديد.)
ألا توافقينني على ذلك؟ (فهزت رأسها بالإيجاب، ورسمت شفتاها لفظ الموافقة.)
أنت زعلانة، وهذا طبيعي، ومهما يكن من الأمر فهو لا يمسك مباشرة، ومقاطعتك لي غير مقبولة، وقد دعوتك مرارا لزيارتي؛ فلماذا لم تحضري؟ - لم أستطع. - هل منعك أحد؟ - كلا، ولكنني كنت حزينة جدا. - أكان حزنك أكبر من حبنا؟
فقالت بمرارة: لم تزرنا مرة واحدة. - لم يكن ذلك بالممكن، ولكني دعوتك مرارا فكان عليك أن تأتي، وقد نغص امتناعك راحتي، ولم تكن في حاجة إلى مزيد.
فقطبت لتكتسب صلابة تطرد بها حنان الدمع، وقالت: منعني حزني. - يا للأسف، لا أحب لك السلبية، وكنت في حاجة إليك في غربتي.
وابتسم ليخفف من توتر الجو، ثم قال: حسبنا عتابا، لا وقت الآن لذلك.
وربت على منكبيها، وسألها مغيرا المجرى: ما أخبار الشعر؟
فابتسمت ابتسامة خفيفة لأول مرة، فقال بحرارة: لعلنا لم نكن في يوم من الأيام أقرب ما يكون لبعضنا مما نحن اليوم. - ماذا تعني؟ - يخيل إلي أننا حول منبع واحد.
حولت إليه عينيها الخضراوين مستزيدة، فقال: رجعت إلى الشعر أقرؤه وأحاوله. - حقا؟ - مجرد محاولات فاشلة. - لمة؟ - لا أدري، ربما لأن الغبار أكثف من أن يزال بنفضة واحدة، أو لأن أزمتي أقوى من الشعر. - أزمة؟ - أعني مرضي.
فابتسمت وهي تنظر إلى الأرض، فسألها بإنكار: ألا تصدقينني؟ - أصدقك دائما.
Неизвестная страница