216

لا ريب ان افضل الأماكن لأجابة الدعاء فى كل بلد مسجده الجامع عند المنبر وهذا مسجد قديم بناه من بناه بأخلاص نية من مال حلال بلا شبهة قال القاضى ناصر الدين البيضاوى «1» فى تاريخه المسمى بنظام التواريخ «2» انه من بناء عمرو بن الليث، وروى انه لما أسسه امر ان يطلب له الجذوع وتهيأ لذلك فقيل [له] ان امرأة صالحة من سروستان لها جذوع كثيرة فى بساتين «3» لها قد حصلها من اصل حلال فأرسل اليها وذهبوا ليشتروها فقالت اقطعوها ثم قوموها «4» فلما قطعوها قالت انقلوها ثم ننظر فى الثمن فلما نقلوها وقد تمت الجدران والأسطوانات «5» والطيقان قالت سقفوا بها ثم نحسب «6» القيمة «7» فلما اعملت الجذوع (ورق 127 ب) وتمت السقف «8» قالت لا حاجة لى الى الثمن انى جعلتها فى سبيل الله، فرفعوا امرها الى عمرو بن الليث فغضب وقال تقبل ثمنها والا تقلعونها «1» من مكانها، فجاءت الصالحة وقالت ايها الأمير لمن بنيت هذا البيت قال لله عز وجل و«2» رجاء لثوابه وطلبا لمرضاته «3» قالت فأنا ايضا رجوت ثواب الله وطلبت رضاه فرق الأمير لها وخلاها، وقيل ان استاذه البناء كان من اولياء الله ولما اراد ان يضع اساس المحراب اعترض عليه بعض القوم فى تمام المحاذاة فجذب ذلك الرجل اليه واراه الكعبة مسامتة لها، ولما ولى الأتابك «4» امر بحلقتين من فضة وارسل بهما «5» الى مكة الشريفة وسأل شرفاءها «6» أن يأتوه بحلقتين «7» فجعلهما فى مصراعى الباب المشهور بهما وقيل هما حلقتا الكعبة بعينهما ولا شك انه قد اصابهما بركات ايدى اولياء الله كثيرا، وفى هذا المسجد دار المصاحف فيها الجوامع «8» والأجزاء بخطوط الصحابة (ورق 128) والتابعين كثيرا وفيه مصاحف بخط امير المؤمنين على والحسين وعلى بن الحسين وجعفر «9» وغيرهم وكان فيها مصحف بخط «10» امير المؤمنين عثمان وعليه اثر دمه ففقد فى ايام فتنة ولم يطلع عليه، ولا يخلو المسجد ابدا عن اولياء الله والدعاء فيه مرجو الأجابة.

Страница 288