190

كان في بدء الأمر شطارا ينهب العمائم فى الليالي والأسحار فلما اراد الله تعالى ان يقبله بلطفه قضى له ان خرج ليلة فى طلب شئ واختفى فى ظلمة الليل ليمر به احد فينتهب منه فبينما هو يترقب اذا قبل الشيخ شمس الدين محمد «6» بن الصفى فدنا منه لينتهب عمامته فقال الشيخ يا مؤيد ومعنا ايضا، ولم يكن قبل ذلك بينهما معرفة، فعلم الشيخ مؤيد الدين انه عرفه بالهام الله فجاء ووقع فى قدميه (ورق 115 ب) وفتح الله عليه باب التوبة فتاب على يديه ثم اختار السلوك والرياضة وتدارك مافاته ولحظه الله بعين العناية والرحمة حتى صار من اولياء الله تعالى وكان الناس يتبركون بأنفاسه، ثم ان الملكة تركان «1» بنت الأتابك سعد بنت له رباطا وسقاية يتوضأ فيها وكان من السقاية الى الرباط ممر باطن تحت الأرض، روى انه مضى الى السقاية فى ليلة مظلمة فخرجت من الجدار يد فيها شمعة مضيئة فوقف وقال بعزة الله وقدرته ما امضى حتى تغيبها عنى فغابت الشمعة ثم مر وقال لا ينبغى ان يغرنى الشيطان وانا اعلم من نفسى ما اعلم، وكان معاصرا لشيخنا وسيدنا صدر الدين المظفر «1» وجاءت يوما الملكة تركان الى الشيخ صدر الدين فى ايام الصيف فرأته لابسا ثوبا رقيقا لطيفا وقد تعمم بعمامة نفيسه ثمينة جالسا على فراش نظيف بيده مروحة خفيفة وعنده عطر وعنبر «2» قد ملأ البيت طيبا، ثم مشت الى زيارة الشيخ مؤيد الدين فرأته جالسا على جلد غنم قد قلبه ولبس صوفا غليظا (ورق 116) وقد تعمم بشملة غليظة فى شدة الحر، فتفكرت فى اختلاف حالي الشيخين وقالت فى نفسها ان كان هذا نهج الحق فما ذاك وان كان غيره فما هذا فعرف الشيخ «3» بالفراسة وقال يا هذه ان احوال رجال الله مختلفة وان الطريق اليه بعدد الأنفاس ان للشيخ صدر الدين حالا تقتضى ذلك وان لى حالا تقتضى هذا وكلتا الحالتين صحيحة فاعتقدى الخير ولا تتعرضى «4» فتهلكى، وكراماته كثيرة ومدفنه فى رباطه عند باب مسجد نارك «5» رحمة الله عليهم.

179 - الاتابك سنقر «6» بن مودود

Страница 256