(ورق 85 ب) ولده العالم الربانى الكامل السبحانى امام ائمة العلماء واستاذ نحارير الحكماء، صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية، العظيم الهمة الذى لم يعبأ بجاه الدنيا وسعادتها الرفيع القدر الذى لم يرغب فى سفساف الدنيا الدنية وزيادتها، الموقن «2» المتقن الذى لم يترك ساعة من عمره مهملا ولم يكن فى حالتى الشدة والرخاء عن امره معطلا، قد احكم اساس الدين المتين بالعلوم الشرعية اولا ثم توجه نحو العقليات فشرع فيها مطولا، كنت فى خدمته ليلا ونهارا واراقب احواله سرا وجهارا، واحضر مجلس درسه كلما درس واقدم «3» بين يديه حيثما جلس، وكان فى درسه الأفاضل والفحول الجامعون بين المنقول والمعقول، يبتدئ الدرس بالأسحار ثم بعد صلوة الصبح الى ان يرتفع النهار، ثم يذهب الى صومعته المبنية فى محلة السراجين لبعض المحصلة الراجين، فيمضى الأوقات بالدرس (ورق 86) الى الغروب ثم يبتدئ بدرس جماعة اخرى حين يرجع الى بيته ويؤوب، وكان جميع كتبه بخطه الا نادرا وكانت له نسخة من الحاوى «4» قد قرأها وحشاها ففاتت منه فى كبره فكتب نسخة اخرى عن حفظه من غير مراجعة الى كتاب وهذا من العجب العجاب وكان محبا للمساكين مجتنبا عن السلاطين كثير الذكر دائم الفكر راضيا بما قضى الله عليه لا يبالى بعدم المال ولا يتغير باختلال الأحوال يروى الشرعيات اكثرها عن والده قراءة ويروى اجازة عن جده لأبيه «1» الشيخ صدر الدين المظفر «2» وعن جده لأمه الفقيه سعد الدين محمد بن الحسين بن [محمد بن] سلمان «3»، وكان قد حصل على مولانا قطب الدين الفالي «4» واقرانه وتأدب به جمع كثير من العلماء المشاهير، وله تصانيف ورسالات واشعار «5» منها كتاب المنظومة فى المنطق، وكان يحث على اعتقاد الحق وملازمة السنة والجماعة والانقياد لأمر الشريعة والطاعة ويقول فى كل حادثة ظهرت ان المنجمين قد زعموا ان هذا من تأثير (ورق 86 ب) كذا وكذا ولكن اهل التسبيح والتقديس لا يبالون بالتربيع والتسديس، ولما حان له انقضاء الزمن المحسوب وآن اقبال الأجل المكتوب [كان] يسأل فى ليلة من لياليه «6» هل ظهر «7» الصبح فنقول «8» لا حتى انبلج الصباح فقال هل طلع الصبح قلنا بلى فقال الآن آن «9» ثم تنفس الصعداء ولحق السعداء وكان يوم عيد الفطر من سنة ست وخمسين وسبعمائة ودفن عند والده فى حظيرته المباركة، ومن نتائج خاطره العاطر:

اذا كنت من شيراز في رأس «10» فرسخ ... شممت نسيم الجود من باب دارهم

Страница 188