Андалузский поэт и мировая премия
شاعر أندلسي وجائزة عالمية
Жанры
ومن هذه الأمم جميعا لم ينل جائزة نوبل الأدبية في ستين سنة غير أديب واحد وهو رابندرانات تاجور. ولما أجازته قالت في بيان مزاياه: إن أدبه قد أصبح جزءا من الآداب الغربية، حيث تقول: «إنه جعل أفكاره الشعرية كما عبر عنها بأسلوبه في اللغة الإنجليزية جزءا من الأدب الغربي.»
فهل يفهم من ذلك أن اللجنة لا تجيز أدبا غير الأدب الغربي، أو الأدب الشرقي الذي يصبح جزءا منه؟
إننا إذا لم نفهم هذا فهمنا أن ستين سنة في الشرق العريق بآدابه وفنونه لم تنجب من مئات الملايين مثل ما أنجبته أمة السويد على انفراد، وقد نالت الجائزة منها أديبة وثلاثة أدباء.
وقد شوهد أن اللجنة تبحث عن الأدباء المستحقين، ولا تنتظر اشتهارهم بشهادة الصحف أو دور النشر أو أقلام النقاد، ومن أمثلة ذلك أننا اطلعنا على صحف الأدب الإنجليزي التي أصدرت سجلاتها الدورية عند منتصف القرن العشرين لتاريخ الأدب الغربي خلال خمسين سنة، فلم نقرأ فيها اسم (لاكسنس) صاحب الجائزة (سنة 1955)، ولا اسم (خيمنيز) صاحب الجائزة سنة (1956)، ولا اسم (كواسيمدو) صاحب الجائزة سنة (1959). وقيل عقب إعلان الجائزتين الأخيرتين إن الإسبان والطليان أنفسهم فوجئوا بهذا الاختيار، وجاء في تعبيرات أحد النقاد أن اللجنة تحفر عن مرشحيها كأنهم من خبايا الأحافير!
وأيسر من هذا البحث كان خليقا أن يهدي اللجنة إلى شاعر من أبناء الهند معاصر لتاجور، ومؤمن مثله بطلب الكمال وبالنزعات المثالية، وهو الشاعر الصوفي الفيلسوف محمد إقبال.
نعم إن محمد إقبال شاعر متدين يمتزج الكثير من قصائده بالتسبيح الصوفي والابتهالات الإلهية، ولكن الشعر الوجداني غير قليل في منظوماته المطولة أو القصيرة، يتلوه من يشاء من المؤمنين بالأشواق الروحية على اختلاف الأديان والآراء، ومنهم برهميون وبوذيون ترنموا بشعره كما ترنم تاجور نفسه بشعر المتصوفة الأولين من المسلمين، وليس الاعتراض على «روحانياته» بحائل مع هذا بينه وبين الجائزة العالمية؛ لأن اعتراضا مثله وجه إلى روحانيات تاجور فلم تأخذ به اللجنة، وانتهت بعد النظر فيه إلى إقرار الترشيح.
ففي أثناء الموازنة بين المرشح الشرقي تاجور ومنافسيه الغربيين، كتب الأستاذ هرالد هجان رئيس اللجنة الجديد تقريره، فقال فيه إن شعر تاجور لا يتيسر التفريق فيه بين ما هو من وحي عبقريته وما هو من وحي العبقرية السلفية الموروثة، وهي حافلة بالتراث الديني في الأمة الهندية من أقدم عهودها «ولا بد من زمن يمضي لتمييز هذه الوشائج التاريخية للاستعانة بذلك على صحة التقدير واستقلاله، والعلم بما هو مطبوع من كلام تاجور، وما هو من تلقين الصوفية الدينية والشعر القديم ...»
ونظرت اللجنة في هذا الاعتراض من رئيسها، فرجحت جانب الإقرار على جانب الرفض؛ لأنها لم تشأ أن تضيع المناسبة التي وضعت بين يديها اسما شرقيا لا يرد عليها نظيره في كل مناسبة.
ولسنا نذكر الحرج السياسي في أمر إقبال؛ فإن ظروف إقبال لا تختلف من ظروف تاجور في اعتبارات السياسة التي تنظر إليها الدولة السويدية، فقد منح كلاهما مرتبة الفروسية، ولقب (سير) عرفانا بمكانته الأدبية، وقد يكون هذا التقدير السياسي للمكانة الأدبية منبها للجنة إلى البحث في هذا الجانب دفعا لشبهة التفرقة بين أديبين - أو بين أدبين - لا موجب للتفرقة بينهما. •••
هذه البواعث التي تحيط بأسباب منح الجائزة ومنعها قد تصلح لتعميم الحكم على منهاج هذه الجوائز جميعا أيا كان الدستور الذي تتقيد به لجان الجوائز العالمية في شروطها؛ فإن البواعث العملية تجري على وتيرة واحدة بحكم الضرورة التي لا اختيار فيها لواضعي الشروط الأدبية أو منفذيها.
Неизвестная страница