بالالتزام التفصيلي بالعقائد الحقة والأعمال الصالحة ، وقد سمي العمل ايمانا في قوله تعالى : « وما كان الله ليضيع إيمانكم » (1) والمراد الصلوات التي اتى بها المؤمنون إلى بيت المقدس قبل النسخ وتحويل القبلة ، والمعنى ما كان عندك قبل وحي الروح علم الكتاب بما فيه من المعارف والشرائع ولا كنت متلبسا به ما انت متلبس به بعد الوحي من الالتزام التفصيلي والاعتقادي وهذا لا ينافي كونه مؤمنا بالله ، موحدا قبل البعثة صالحا في عمله ، فان الذي تنفيه الآية هو العلم بتفاصيل ما في الكتاب والالتزام بها اعتقادا وعملا ، لا نفي العلم والالتزام الاجماليين بالايمان بالله ، والخضوع للحق (2).
الآية الرابعة : عدم رجائه إلقاء الكتاب اليه
قال تعالى : « وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين » (3).
استدلوا بأن ظاهر الآية نفي علمه بالقاء الكتاب إليه ، فلم يكن النبي راجيا لذلك واقفا عليه.
أقول : ان توضيح مفاد هذه الآية يتوقف على إمعان النظر في الجملة الاستثنائية اعني قوله : « الا رحمة من ربك » حتى يتضح المقصود ، وقد ذكر المفسرون في توضيحها وجوها ثلاثة نأتي بها :
1 إن « إلا » استدراكية ، وليست استثنائية فهي بمعنى « لكن » لاستدراك مابقي من المقصود ، وحاصل معنى الآية : « ما كنت يا محمد ترجو فيما مضى أن يوحي الله إليك ويشرفك بإنزال القرآن عليك ، إلا أن ربك رحمك ، وانعم به عليك واراد بك الخير » نظير قوله سبحانه : « وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك » (4) اي ولكن رحمة من ربك خصصك به وهذا هو المنقول
Страница 308