وأخبرني الخليفة في المساء بأن رجلا فرنسيا وصل إلى الأبيض، وأنه بعث في طلبه وإحضاره إلى المهدي، ثم قال: «هل أنت فرنسي؟ وهل عندكم في بلادكم قبائل مختلفة كما هو الحال في السودان؟»
وكان الخليفة يجهل أوروبا كل الجهل، فجعلت أنير ذهنه عن الموضوع بقدر إمكاني، ثم قال الخليفة: «ولكن ما يريد منا رجل فرنسي يأتي إلينا ويقطع هذه الطريق الطويلة؟ عسى أن يكون الله قد هداه إلى الصراط المستقيم .»
فقلت: «لعله يبقى في صحبتك وصحبة المهدي.»
فنظر إلي الخليفة، وكان لا يصدق قولي، وقال: «سنرى».
ثم بلغنا شرقلة، وما كدنا نحط رحالنا حتى أرسل إلي مولاي وقال: «يا عبد القادر، لقد وصل الفرنسي إلينا وأمرت بإحضاره هنا، فانتظر واسمع ما يقوله؛ إذ ربما نحتاج إليك.»
ثم جاءنا حسين باشا وبدا لي أن الخليفة استدعاه، وبعد مدة جاءنا ملازم وأعلن أن الرجل الغريب واقف أمام الباب، فأذن له بالدخول. ورأيته رجلا طويلا حوالي الثلاثين من عمره، وكانت الشمس قد لوحت وجهه، وكان شارباه ولحيته خفيفة اللون، وقد لبس الجبة والعمامة، وحيا الخليفة بقوله: «السلام عليكم»، فلم يتحرك الخليفة من العنجريب، بل أشار عليه بالقعود وبدأه بقوله: «لم جئت هنا؟ وماذا ترغب منا؟»
فأجاب بلهجة غريبة غير مفهومة بأنه فرنسي جاء من فرنسا.
فقال الخليفة: «تكلم بلغتك مع عبد القادر وهو يوضح لنا ما تقصد.»
فتحول الغريب إلي، ونظر إلي متوجسا وقال بالإنجليزية: «نهارك سعيد يا سيدي.»
فقلت: «هل تتكلم الفرنسية؟ أنا اسمي سلاطين، الزم الجد ولا تتطوح، وبعد ذلك يمكنك أن تخبرني على حدة ما تريده.»
Неизвестная страница