Меч и огонь в Судане

Салатин Баша d. 1351 AH
167

Меч и огонь в Судане

السيف والنار في السودان

Жанры

قال أحمد بعد ذلك: «ستتأخر الجمال قليلا؛ لأني أمرت بإسراجها في داخل الجدود أثناء مجيء الدراويش؛ خوفا من أن يستعملها الآخرون - إذا رأوها - في نقل الذخيرة وبعض الحقائب العسكرية. فإذا كنت شاعرا بالرغبة في البقاء هنا إلى صباح الغد، فإني موافقك على عملك؛ لأنا نستطيع بذلك الحصول على جمال مملوءة بالقوة.»

فأجبته على الفور: «إني لا أرغب في أي تأخير، وأفضل في جميع الأحوال القيام بالرحلة حالا؛ فإن تأخير المدد والحاجة إلى جمال كاملة القوة لا يحولان دون الإسراع في الرحيل. وعلى أية حال، فإني مملوء ثقة بأن الجمال ستصل إلينا سريعا.»

قبل منتصف الليل وصلت إلينا ثلاثة جمال صحبة اثنين قدمهما لي أحمد عبد الله قائلا لي: «هذان مرشداك الجديدان إبراهيم علي، ابن أخي، ويعقوب حسن أحد أقربائي الأخصاء، وسيسير بك هذان إلى الشيخ حامد فضاي زعيم عرب الأعراب الخاضعين للحكومة المصرية، وهذا الأخير سيعينك في الوصول إلى أسوان.»

بعد ذلك ملأنا قرب الماء وواصلنا رحلتنا، وعند البدء في الرحيل قال لي أحمد بن عبد الله: «أرجوك أن تتجاوز عن التقصير في إتمام معدات الرحلة؛ فإن الخطأ ليس من ناحيتي. ولئن حرمت من الأكل الطيب، فلديك من البلح والخبز ما يكفي لمقاومة غائلة الجوع.»

ركبنا الجمال ثلاث ساعات ونصف ساعة في طريق شرقية شمالية نحو الجانب الشرقي، وكان ذلك قبل إشراق الشمس، وعندما بزغ نور الفجر وجدنا أنفسنا في الجهة الشرقية من وادي الحمير. سمي باسم الحمير البرية التي تسكنه، ويكاد هذا الوادي يخلو من النبات.

تقدمنا في سيرنا، فدلت الطلائع على أنا في صحراء؛ حيث شاهدنا الرمال الممتدة في كل ناحية وبقايا التلال في بعض الجوانب، ولم نجد على الإطلاق شجرة أو شيئا من الزرع الأخضر. وبعد أن سرنا على تلك الحال يومين كاملين - دون استراحة على وجه عام - وصلنا إلى تلال نورابي التي كانت محتلة فيما مضى بقبائل عرب بشارن، يمتد هذا الوادي في اتجاه شمالي شرقي في معظم جهاته، وتتخلله منحدرات وعرة تقوم على جوانبها أشجار الميموسا، وفي تل جانبي من تلك التلال توجد أشجار مسماة باسم التل العام «نورانية».

حدق إبراهيم على ناظريه من أعلى الجمل، فتفقد الوادي فرآه خلوا من الناس، فنصح لنا بدخوله فدخلناه، ثم أسرعنا في إرواء جمالنا بالماء العذب وملء قربنا الثلاث. أما البئر فنازلة في قاع الوادي ما يقرب من عشرين قدما، ومتجهة إلى ناحية مركزية على بعد خمس وعشرين ياردة، والنزول إلى عمق البئر بواسطة مدرجات حجرية صلبة. وبما أن الآبار في السودان أماكن اجتماع الناس، فضلنا ترك البئر والذهاب إلى مكان في داخل الوادي، فتركناها (البئر) وواصلنا سيرنا إلى الداخل مدة لا تقل عن ثلاث ساعات مجتازين تلال نوراني.

كان الفرق عظيما بين المرشدين القدماء والجدد؛ فالسابقون كانوا ممتلئين شجاعة وإخلاصا، وعلى استعداد لتضحية حياتهم في سبيل إنقاذ حياتي، أما اللاحقون فعلى النقيض من ذلك؛ لأنهم كانوا دائما يتذمرون من عملهم الذي يخيل لي أن أحمد عبد الله أجبرهم عليه إجبارا، ولم يتأخروا عن إظهار غضبهم؛ لأنهم لا ينامون النوم الكافي ولا يأكلون الأكل الجيد. وإني أذكر جيدا أن إهمال إبراهيم علي ويعقوب حسن أدى إلى إضاعة حذائي وصندوق خاص لي في الطريق، وقد سبب لي ضياع حذائي تعبا كثيرا في المستقبل.

وصلنا في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم التالي - الخميس - إلى أحراش أبي حمد، وقد فضلت البقاء مختبئا عن الأنظار هناك على الرغم من عداء سكانه عداء شديدا لأتباع المهدي .

ذكرت قبلا أن أحمد عبد الله أمر إبراهيم علي ويعقوب حسن بالوصول بي إلى الشيخ حامد فضاي، ولكني أضيف إلى ذلك أن هذا الرأي لم يرق في أعينهما.

Неизвестная страница