متاتياس (متمما فكر شفيق) :
مثلنا نحن، أليس كذلك؟ نحن عقلاء نعمل كجميع الناس، ونجتمع بالوجهاء أمثالنا، وألعابنا ومسراتنا معقولة معتبرة، كما أن أشغالنا شريفة كثيرة الأرباح. أما أنت فانظر إلى ما تفعل واذكر من تعاشر. وأنا أريد أن أصلحك رحمة بك وخوفا على مستقبلك فتقبل نصحي كالمجنون الأحمق.
شفيق (بهدوء حزين) :
حدثني عن رحمتك ... إني حتى الساعة لم ألمح خيالها ...
متاتياس (يتكلف الشفقة المتناهية) :
وماذا ينفع الذكاء والدرس إن لم يقدهما النصح والرأي؟ اعلم أيها المغرور، أنه كما قال الشاعر العربي (بفخامة وتأن في الألفاظ) «الرأي قبل شجاعة الشجعان.» (شفيق ينظر إلى أخيه بعينين واسعتين دهشتين وفيهما خيال الضحك، فتهمس له سميحة بسرعة: «لا تدهشنك هذه الفصاحة الفجائية! هذا عنوان إعلان تجاري رآه في جريدة هذا الصباح قرب أخبار البورصة.» هنا ينهض متاتياس بعظمة تتبعه زوجته ومدام سالم ويتجهون نحو الباب. وعندما يصل متاتياس قرب أخيه يتهكم قائلا: «ابق على حريتك لنرى إلى أين تقودك.» ثم يخرجون وشفيق مهتم بملس الزبدة على كسرة خبز في يده. وبعد أن يبتعد وقع أقدامهم يجيل النظر فيما حوله فيرى أنه وحده، فيحمل فوطته ويلوح بها في الفضاء كمن يطرد الذباب، فيسمع صوتا يتكلم وراءه ويلتفت فيرى الدكتور سالم مشيرا نحو الشرفة حيث سميحة تسقي الأزهار.)
الدكتور سالم (مخاطبا سميحة) :
أتسمحين لي بفنجان قهوة صغير؟
سميحة :
أسمح بفنجان قهوة كبير. (تدخل من الشرفة وتدنو من المائدة.)
Неизвестная страница