فقد ذكر ابن كعب مثل ما في الصحيفة وبين أنه عاهد جميع اليهود وهذا مما لا نعلم فيه تردد بين أهل العلم بسيرة النبي ﷺ ومن تأمل الأحاديث المأثورة والسيرة كيف كانت معهم علم ذلك ضرورة.
وإنما ذكرنا هذا لأن بعض المصنفين في الخلاف قال: يحتمل أن هذه المرأة ما كانت ذمية وقائل هذا ممن ليس له بالسنة كثير علم وإنما يعلم منها في الغالب ما يعلمه العامة ثم إنه أبطل هذا الاحتمال فقال: لو لم تكن ذمية لم يكن للإهدار معنى فإذا نقل السب والإهدار تعلق به كتعلق الرجم بالزنا والقطع بالسرقة وهذا صحيح وذلك أن في نفس الحديث ما يبين أنها كانت ذمية من وجهين.
أحدهما: أنه قال: إن يهودية كانت تشتم النبي ﷺ فخنقها رجل فأبطل دمها فرتب علي ﵁ إبطال الدم على الشتم بحرف الفاء فعلم أنه هو الموجب لإبطال دمها لأن تعليق الحكم بالوصف المناسب بحرف الفاء يدل على العلية وإن كان ذلك في لفظ الصحابي كما لو قال: زنا ماعز فرجم ونحو ذلك إذ لا فرق فيما يرويه الصحابي عن النبي ﷺ من أمر ونهي وحكم وتعليل في الاحتجاج به بين أن يحكي لفظ النبي ﷺ أو يحكي بلفظ معنى النبي ﷺ فإذا قال: أمرنا رسول الله ﷺ بكذا أو نهانا عن كذا أو حكم بكذا أو فعل لأجل كذا كان حجة لأنه لا يقدم على ذلك إلا بعد أن يعلمه الذي يجوز له معه أن ينقله وتطرق الخطأ إلى مثل ذلك لا يلتفت إليه كتطرق النسيان والسهو في الرواية وهذا مقرر في موضعه.
ومما يوضح ذلك أن النبي ﷺ لما ذكر له أنها قتلت نشد
1 / 66