وقيل لبعض النسوة العربيات: القر أشد أم الحر؟ فقالت: من يجعل البؤس كالأذى؟ والبؤس خلاف النعم وهو ما يشقي البدن ويضره بخلاف الأذى فإنه لا يبلغ ذلك ولهذا قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ وقال سبحانه فيما يروي عنه رسوله: "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر" وقال النبي ﷺ: " من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ " وقال: " ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله يجعلون له ولدا وشريكا وهو يعافيهم ويرزقهم " وقد قال سبحانه فيما يروي عنه رسوله: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني" وقال سبحانه في كتابه: ﴿وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ فبين أن الخلق لا يضرونه سبحانه بكفرهم لكن يؤذونه ﵎ إذا سبوا مقلب الأمور وجعلوا له سبحانه ولدا أو شريكا وآذوا رسله وعباده المؤمنين ثم إن الأذى لا يضر المؤذى إذا تعلق بحق الرسول فقد رأيت عظم موقعه وبيانه أن صاحبه من أعظم الناس كفرا وأشدهم عقوبة فتبين بذلك أن قليل ما يؤذيه يكفر به صاحبه ويحل دمه.
ولا يرد على هذا قوله تعالى: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِي﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾ فإن المؤذي له هنا إطالتهم الجلوس في المنزل واستئناسهم للحديث لا أنهم هم آذوا النبي ﷺ والفعل إذا آذى النبي من غير أن يعلم صاحبه أنه يؤذيه
1 / 58