غافلات مؤمنات وقال في أول السورة ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ الآية فرتب الجلد ورد الشهادة والفسق على مجرد قذف المحصنات فلا بد أن تكون المحصنات الغافلات المؤمنات لهن مزية على مجرد المحصنات وذلك والله أعلم لأن أزواج النبي ﷺ مشهود لهن بالإيمان لأنهن أمهات المؤمنين وهن أزواج نبيه في الدنيا والآخرة وعوام المسلمات إنما يعلم منهن في الغالب ظاهر الإيمان ولأن الله سبحانه قال في قصة عائشة: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ فتخصيصه بتولي كبره دون غيره دليل على اختصاصه بالعذاب العظيم وقال: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ فعلم أن العذاب العظيم لا يمس كل من قذف وإنما يمس متولي كبره فقط وقال هنا ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ فعلم أنه الذي رمى أمهات المؤمنين ويعيب بذلك رسول الله ﷺ وتولى كبر الإفك وهذه صفة المنافق ابن أبي.
وأعلم أنه على هذا القول تكون هذه الآية حجة أيضا موافقة لتلك الآية لأنه لما كان رمي أمهات المؤمنين أذى للنبي ﷺ لعن صاحبه في الدنيا والآخرة ولهذا قال ابن عباس: "ليس فيها توبة" لأن مؤذي النبي ﷺ لا تقبل توبته إذا تاب من القذف حتى يسلم إسلاما جديدا وعلى هذا فرميهن نفاق مبيح للدم إذا قصد به أذى النبي ﷺ أو أذاهن بعد العلم بأنهن أزواجه في الآخرة فإنه ما بغت امرأة نبي قط.
ومما يدل على أن قذفهن أذى للنبي ﷺ ما خرجاه في
1 / 47