وجوه المودة المطلقة وقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها فإذا اصطنع الفاجر إليه يدا أحبه المحبة التي جبلت القلوب عليها فيصير موادا له مع أن حقيقة الإيمان توجب عدم مودته من ذلك الوجه وإن كان معه من أصل الإيمان ما يستوجب به أصل المودة التي تستوجب أن يخص بها دون الكافر والمنافق وعلى هذا فلا ينقض الاستدلال أيضا لأن من آذى النبي ﷺ فإنه أظهر حقيقة المحادة ورأسها الذي يوجب جميع أنواع المحادة فاستوجب الجزاء المطلق وهو جزاء الكافرين كما أن من أظهر حقيقة النفاق ورأسه استوجب ذلك وإن لم يستوجبه من أظهر شعبة من شعبه والله سبحانه أعلم.
الدليل الثاني: قوله سبحانه: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُون وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر فالسب المقصود بطريق الأولى وقد دلت هذه الآية على أن كل من تنقص رسول الله ﷺ جادا أو هازلا فقد كفر.
وقد روى عن رجال من أهل العلم منهم ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة دخل حديث بعضهم في بعض أنه قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: "ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا اكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء" يعني رسول الله ﷺ وأصحابه القراء فقال
1 / 31