انظر إلى قوله:
احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك .
هل رأيت أجمل من كلمة أهلك هنا؟ همسة جامعة قصيرة. لم يقل قبلها واحمل أهلك. أو لا بأس عليك أن تحمل أهلك. إنها مجرد كلمة أهلك ثم يستثني (إلا من سبق عليه القول). ليس كل من أهلك إذن، فالضالون لا توجه إليهم الدعوة، وإنما دعوة للمؤمنين من أهلك ومن غير أهلك أيضا.
ثم انظر إلى قوله:
إلا من رحم وحال بينهما الموج .
إن كلمة رحم هنا جملة ناقصة وكاملة في الوقت نفسه؛ فكأنما كان نوح يريد أن يقول إلا من يرحم. ولكن حال الموج فاكتملت الجملة ولم تكتمل. أليس هذا هو الإعجاز؟ تلك هي قصة نوح الذي كلفه بهداية قومه، فما شأن نوح الإنسان الذي لم يستطع أن ينقذ ولده؟
ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين * قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم
صدق الله العظيم (من سورة هود: من آية 45-48).
يسأل نوح ربه في شأن ابنه فيجيبه سبحانه وتعالى أنه ليس من أهلك. إنه عمل غير صالح. ويترك سبحانه الإيجاز هنا ليواسي نبيه، وينزل السكينة على قلبه. ثم تتتابع الآيات لتنتهي إلى هذه الأمم التي ستنال المتعة وتنال العذاب .. إنها أمم تعيش الحياة. وما الحياة؟ أليست هي المتعة، وهي العذاب؟
الهيكل الفني في قصة يوسف
Неизвестная страница