ووقفت هي أيضا لا تدري ما تقول، وكأنما ندمت على الكلمة لأنها لم تسمع لها جوابا سريعا، ولم تزل تخشى ما يجيء به ذلك الجواب، فأومأت إلى مركبة قريبة واقفة بين مركبات كثيرة، وإذا بهما يسيران معا إلى تلك المركبة، فتجلس فيها ويجلس هو إلى جانبها وهي تقول: هذا خير من أن يرانا الناس مشدوهين كالصنمين.
والواقع أن الناس التفتوا فعلا وجعل بعضهم ينظر إلى بعض ويتهامسون.
فقال لها: صدقت ... هو خير!
ثم صاح الحوذي: إلى أين يا بك؟
فلما لم يسمع ردا من «البك» عاد يسأل: إلى أين يا سيدتي؟
فهمست صاحبتنا: ألا تقول للحوذي إلى أين؟
فأجابها وهو يوجه خطابه للحوذي: إلى حيث تشاء!
وكأنما ندمت مرة أخرى على الركوب، وعلى اللقاء، وعلى السؤال؛ لأنها كانت تنتظر من صاحبها لهفة على مكان من أماكن الرياضة المعهودة التي ألفا أن يترددا عليها ... فجلست صامتة.
وجلس كذلك صامتا.
وطال الصمت ... لا لأنه كان يريده، أو لأنه كان يأبى الكلام، ولكن لأنه كان يفتش عن كل كلام في الدنيا فإذا هو يهرب ... أو يستعصي ولا ينقاد.
Неизвестная страница