ومن لوازمها التي لا تفارقها أنها ما حضرت قط رواية فيها نزاع بين رجل وامرأة وعاشق وعاشقة إلا كان عطفها في جانب الرجل وإن غدر وإن خان، ويشق عليها منظر العاشق الموله المغموم فتهتف من قلبها لا من لسانها وحده: ما من امرأة تستحق هذا العذاب!
تحب التدليل كما تحبه كل بنت من بنات حواء، ولكنها تكره التدليل السخي الفياض كما تكره التدليل المعسول الناصع الحلاوة، وإنما تحب أن يقطر لها التدليل تقطيرا، وأن يشاب أبدا ببعض التوابل والأفاويه.
سألت صديقها وقد صفت واستسلمت لعطفه عليها: أتحزن علي إذا مت؟
فلم يدر كيف يجيبها، ولكنه قال: هذا سؤال سابق لأوانه يا بنية.
قالت: ستبكي ولا شك لا أسألك في ذلك ... ولكن كم عبرة يا ترى تميزني بها على من بكيتهم؟
قال وهو لا يظهر المزح ولا يحاول أن يكتمه: أراجع ما عندي من «رصيد» العبرات وأجيبك قبل الوقت المناسب بقليل!
قالت: أنت لا تريح.
قال: ولكني أراك مرتاحة ... أأنت تموتين؟ ومن الذي يأذن لك أن تموتي؟
وكانت مرتاحة حقا لما سمعت. ولو أنه أسمعها غير ذلك حسرات التفجع والتعوذ ومواعيد الحزن القاتل وعهود الوفاء الدائم لفترت وملت وانقلبت عليه، ولكنه إذا ضمها وربت عليها وضن بعد ذلك بالكلام فقد وفاها من التدليل غاية مناها ، وضمن ألا تفسد عليه صفاء الساعة التي هي فيها.
وكان همام يمتحن معارفها الغرامية كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر مرة على أبعد تقدير، ويرشحها على أثر كل امتحان لوظيفة من الوظائف التي «تؤهلها» لها تلك المعارف الكثيرة ... إلا أنه استقر آخر الأمر على أنها أصلح ما تكون مديرة للإضاءة في مسرح تمثيل.
Неизвестная страница