هي جميلة؛ جميلة لا مراء، ليست أجمل من رأى همام في حياته ولا أجمل من رأى في أيام فتنته وشغفه، ولكنها جميلة جمالا لا يختلط بغيره في ملامح النساء، فلو عمدت إلى ترتيب ألف امرأة هي منهن لنظمتهن واحدة بعد واحدة في مراتب الجمال المألوف، ونحيت سارة عن الصف وحدها ... وإن كنت لا تنكر - ولا تبالي أن تنكر - أنها تأتي بعد مئات.
لونها كلون الشهد المصفى، يأخذ من محاسن الألوان البيضاء والسمراء والحمراء والصفراء في مسحة واحدة.
وعيناها نجلاوان وطفاوان، تخفيان الأسرار ولا تخفيان النزعات، فيهما خطفة الصقر ودعة الحمامة.
وفمها فم الطفل الرضيع لولا ثنايا تخجل العقد النضيد في تناسق وانتظام، ولها ذقن كطرف الكمثرى الصغيرة، واستدارة وجه وبضاضة جسم لا تفترقان عن سمات الطفولة في لمحة الناظر، وبين وجهها النضير وجسمها الغضير جيد كأنه الحلية الفنية سبكت لتنسجم بينهما وفاقا لتمام الحسن من كليهما، فليس هو جيدا كأي جيد، ولكنه الجيد الذي يوائم بين ذلك الوجه وذلك القوام.
يتخطاها من يراها على عجل، ثم يعود مدركا أنه قد تخطى شيئا لا يفات، فليست من الروعة بحيث تقسرك على التحديق إليها، وليست من سهولة المرأى بحيث ترسلك ناجيا في سبيلك ... قوام بين هذا وذاك، أو طراز آخر غير هذا وذاك.
لو تكفل بها مدير معهد من معاهد التجميل الحديث لخفف شيئا من قوامها الرداح بين الربعة والطويل، قبل أن يبرزها في معرض الرقص والرشاقة.
ولو تكفل بها قهرمان القصر عند كسرى أو عبد الحميد لما ضاره أن يزيد فيها حيث ينقص زميله الحديث، قبل أن يزفها إلى الشاهنشاه.
حزمة من أعصاب تسمى امرأة.
وهيهات أن تسمى شيئا غير امرأة.
استغرقتها الأنوثة فليس فيها إلا أنوثة، ولعلها أنثى ونصف أنثى؛ لأنها أكثر من امرأة واحدة في فضائل الجنس وعيوبه، لا لأنها أضعف من امرأة واحدة.
Неизвестная страница