رقيب أجير لا ينفع في هذه المواقف.
ولن ينفع فيها إلا الصديق الصدوق.
نعم، لا ينفع فيها إلا رجل يعنيه أن يعرف الحقيقة ويؤمن قبل ذلك بأنها حقيقة تستحق عناءها! فكم عندك يا همام من أمثال هذا الصديق؟ مئات؟ عشرات؟ آحاد؟
إن الناس يحسبون «الضيق» محك الصداقة الذي لا يكذب ولا يخيب.
والناس في ذلك مخطئون.
لأن الصديق الذي ينجد صديقه في الضيق قد يتخلى عنه وينقلب عليه في أعماق السريرة.
وليست المعونة الصادقة هي المعونة التي تدخل في رقابة العرف أو في رقابتك أنت بينك وبين صديقك، ولكنها المعونة التي لا حسيب عليها غير الضمير، ولا باعث لها غير اتفاق الهوى وامتزاج الشعور.
كثير من الأصدقاء يعينون أصدقاءهم في الضيق لأن العرف يحمد لهم هذه المعونة ويتخذهم مثالا للأمانة والوفاء وجميل الفداء.
وكثير من الأصدقاء يعينون المرء على الشئون التي يشعر هو بمعونتهم أو بتقصيرهم فيها؛ لأنه يحمد لهم ما صنعوا ويجزيهم بما أسلفوا ويرد لهم ما أقرضوا.
أما الشئون التي لا رقابة عليها للمرء ولا للعرف فالمعينون عليها أقل من القليل، وهمام أو غير همام سعداء إن ظفروا من كل ألف صاحب بواحد فذ من هؤلاء الأعوان.
Неизвестная страница