قد تم الاتفاق والحمد لله، وحصلنا على مرامنا؛ فهلموا نذهب الآن إلى معسكرنا ونستريح في خيامنا.
الفصل الثالث
المنظر الأول (رابية عليها علم وبجانبها وليم مفكرا، ثم يدخل صلاح الدين وعماد الدين)
الجزء الأول (صلاح الدين - عماد الدين - وليم)
صلاح الدين :
لقد شفي قلب الأسد من دائه تمام الشفاء، وكان شفاؤه على يد الله ويدي بفعل هذا الدواء، والآن فإني أريد أن أتم نعمتي عليه، وأسعى في إظهار العدل له ليعلم أنه لقي مني في الحرب بطلا من أشد الأبطال، كما لقي من مكارمي في السلم رجلا من أكرم الرجال، وقد علمت ما نوى عليه ذلك الرجل الآن، وكيف أنه يريد الشر لهذا الفتى الحارس في هذا المكان فهو يريد أن يخدعه ليسرق منه العلم، مؤملا بذلك أن يغضب عليه قلب الأسد فيورده العدم، وأنا أحب الآن أن أنصر العدل حتى أخلص قلب الأسد من الظلم، وأخلص هذا الفتى من القتل.
عماد الدين :
ولكن ألم تسمع يا مولاي أنه عاشق لأخت قلب الأسد، أولم تخبرني أن أخاها قد وعدك بها، وأنه لا يزال على ما وعد؛ فكيف تريد الآن أن تخلص عاشقها من الحمام، وهي عن قريب ستكون قرينتك فيكون بقرانها عقد السلام؟!
صلاح الدين :
أنا أريد أن أخلص العدل من الظلم، وأنقذ البراءة الطاهرة من تهمة الذنب والجرم، فإذا كان هذا الفتى عاشقا هل أتركه يقضي نحبه؟ وهل سمعت بعادل قتل رجلا لكونه عاشقا، وكون العشق ذنبه؟! وفوق ذلك فإنه لا يعلم أنني موعود بها، وأنا على ثقة أنه لو علم لجهد في أن يخلص من حبها، ولكنني لا أريد أن يعلم؛ بل أنا أريد أن يسلم، وسأبذل جهدي في أن أزفهما بعد حين، فقد طالما سعت الخلفاء قبلي في التنازل عن جواربهم، وإهدائها للعاشقين، أما أمر السلام بيني وبين أخيها فأقدر أن أتمه بنفسي من غير أن أطمع فيها، فإن قلب الملوك يجب أن يكون أرفع من الغرام؛ حتى إذا عقدوا صلحا كان أساسه الشرف، أو أثاروا حربا كان قائمها الحسام، بل أنا أقدر أن أعقد الصلح معه من غير أن تكون أخته عندي، كما أقدر بعد ذلك أن أثير عليه الحرب، ولو كانت قرينتي وموضوع مجدي، فقف الآن هنا متسترا وراقب ما يجري وإياك أن تعارض أحدا منهم فيما يجريه.
Неизвестная страница