Салах ад-Дин Айюби

Журджи Зайдан d. 1331 AH
135

Салах ад-Дин Айюби

صـلاح الـدين الأيـوبي

Жанры

قال: «لا شك في ذلك، وهذا غاية ما أتمناه فابعث من يستقبلهما في موكب يليق بمقامهما.»

فأعد قراقوش موكبا حافلا استقبل القادمين في الخانقاه بجوار القاهرة ومعه هودج لسيدة الملك. ولما دنا الموكب من قصر صلاح الدين حولوا الهودج إلى قصر سيدة الملك، وكانت ياقوتة قد علمت بقدومها فاستقبلتها وترامت على يديها تقبلهما، وشكرت الله على هذه النعمة. ورأت الضعف ما زال ظاهرا في وجهها، فأخذت تداعبها بذكر عماد الدين وأنه لا يلبث أن يصير زوجها فقالت لها: «هل رأيت يا ياقوتة أن هذا الشاب يستحق قلبي؟ إنه أنقذني من الموت والعار مرة أخرى.» وقصت عليها خبرها باختصار.

أما عماد الدين فترجل قبل الوصول إلى قصر السلطان ومشى حتى دخل عليه وأكب على ركبته يقبلها ويقول: «أشكر الله؛ لأنه أراني وجه مولاي السلطان في خير.» وتقدم إليه الوزراء والقواد وسلموا عليه وهم لا يعرفون الغرض من مهمته ولكنهم جاروا السلطان بإكرامه.

ثم خلا صلاح الدين بعماد الدين، وبهاء الدين، وسأل الأول عن نتيجة مهمته فقص عليه ما جرى من أوله إلى آخره، فأعجب بهمته وما أظهره من الصبر وما لاقاه من المصاعب والمشاكل وتغلبه عليها جميعا. وكان أغرب ما سمعه قتله أبا الحسن وإنقاذه سيدة الملك. فلما وصل إلى هنا ابتسم السلطان وقال: «بارك الله فيك. هذه همة عالية. رحم الله والدي، إنه كان صادق النظر في الرجال، توسم فيك مناقب كبار القواد، وقد صدق توسمه لأنك أتيت ما لم يستطعه سواك من رجالنا. فأنت الآن من كبار قوادنا ورجال خاصتنا.»

والتفت إلى بهاء الدين وقال: «يا بهاء الدين، هذا هو الشاب الذي فر من بين يديك من قصر النساء. ألا تراه يستحق أن يكون زوجا لسيدة الملك وقد أنقذها من أبي الحسن؟» قال: «إنه أهل لكل التفات، ويكفي أن يكون مولانا نجم الدين قد توسم فيه ذلك.»

قال: «قد آن له الآن أن يستريح من وعثاء السفر، وأحب أن تحتفلوا بزواجه احتفالا يليق بالملوك وكبار القواد.»

فأكب عماد الدين على يدي صلاح الدين يقبلهما فقبل صلاح الدين رأسه ثم قال عماد الدين: «أستأذن مولاي في كلمة عن صديقي عبد الرحيم، فقد سمعت بلاءه في خدمتنا وسيكون عونا لنا في حروب الإفرنج؛ لأنه يعرف بيت المقدس بيتا بيتا و...»

فلم يصبر صلاح الدين حتى يتم حديثه فقال: «إنه أهل ليكون من خاصتنا، وهذا بهاء الدين يعرف له قدره وينزله منزلته. وأحب الآن أن أرى سيدة الملك وأهنئها بالسلامة.»

فهرع بهاء الدين إلى قصر النساء يبشر سيدة الملك بزيارة السلطان، فاستعدت لاستقباله، فلما أقبل عليها حياها وقال: «قد أصبت لأنك فضلت عماد الدين علي فإنه أنقذك من الموت مرتين وخلصنا من شر الأعداء. فهو جدير بك ونعقد له عليك بما يقتضيه مقامك.»

فخجلت سيدة الملك خجلا يمازجه الفرح والإعجاب وأطرقت حياء، ثم رفعت بصرها إليه وقالت: «لم أفضل عماد الدين إلا لمناقب تعجب السلطان صلاح الدين وقد رفعه بسببها من عامة الناس إلى خاصتهم وجعله جليسه. على أني إذا فضلته من بعض الوجوه فإنني أنا وهو لا نفضل أحدا على صلاح الدين، ونحن في رعايته وتحت ظله.»

Неизвестная страница