فانبسطت نفس عماد الدين لهذا الرأي وهم بالانصراف، فأمسكه عبد الرحيم وجذبه إليه وقال: «احذر أن تحدثك نفسك وأنت خارج الحصن أن تفر من غير أن تقتل الشيخ سليمان. بل يجب أن تقتله ولو لم تستطع الفرار. اسمع نصحي هذه المرة أيضا.»
قال: «حسنا سأفعل ما تقول، ولكن هل أقدر على الخروج من باب الحصن بلا إذن؟»
قال: «إذا داهمك الوقت قبل أن أستأذن لك يكفي أن تقول للبواب كلمة الخروج فيفتح لك الباب.»
قال: «وما هي هذه الكلمة؟» قال: «قل له: «حسن بن الصباح في الأموات» فيطلق سراحك.»
قال: «بارك الله فيك، قد انشرح صدري الآن، وسأذكر لك هذا الفضل في جملة أفضالك.» قال ذلك ومشى نحو منزل الشيخ سليمان وقد اشتد الظلام. فلما دنا من المنزل رأى ذلك الشيخ خارجا منه وبيده مصباح.
فتقدم كأنه رآه مصادفة وحياه وأكب على يده يقبلها وقال: «كيف تحمل المصباح بيدك وأنا خادمك قد أمرني مولانا الشيخ بخدمتك؟» قال ذلك وتناول المصباح منه ومشى بين يديه حتى دنا من الباب ففتحوه له. فأحب الشيخ أن يسترجع المصباح منه فأبى أن يعطيه إياه تخفيفا للثقلة عنه وقال: «إذا علم مولانا الشيخ الأكبر أني لم أقم بحق خدمتك غضب علي وعنفني.»
فأطاعه ومشى ولم يعترضه أحد لأنه ذكر كلمة الخروج للبواب. ومشى بين يدي الشيخ والطريق أكثره منحدر حتى إذا فرغ من الانحدار وقف الشيخ وقال: «بارك الله فيك هات المصباح. إنني على مقربة من منزلي.»
قال: «إني أسير بين يديك إلى باب المنزل.»
قال: «لا حاجة إلى تعبك. هذا هو المنزل.» وأشار بإصبعه إلى نور ضعيف لا يظهر سواه في ذلك السهل.
فقال: «بل أسير معك حسب أمر مولاي.»
Неизвестная страница