Тегеранская узница: История выживания женщины в одной из иранских тюрем
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Жанры
قالت وهي تشير بإصبعها نحوي: «أي أبرياء؟ وحدهم أعداء الثورة وأعداء الله والإسلام هم من يشتركون في تلك المظاهرات، وأنت أصبحت في مشكلة كبيرة.» ثم استدارت وغادرت المكان، فثارت ثائرتي. كيف تجرؤ على نعتي بالكذب!
بعد بضعة أيام اشتركت أنا ومجموعة من صديقاتي في إصدار صحيفة مدرسية صغيرة، وكل أسبوع نكتب بضع مقالات قصيرة عن القضايا السياسية اليومية التي تهمنا وننسخها بخط يدنا ونوزعها في المدرسة.
أغلقت الحكومة بعض الصحف المستقلة متهمة العاملين بها بالعداء للثورة الإسلامية، وشعرت كأن البلاد بأكملها تغرق تدريجيا، فالتنفس يصبح أكثر صعوبة كل يوم عن سابقه، ولكننا ظللنا متفائلين ومؤمنين بأنهم لا يستطيعون إغراق الجميع.
منذ بدء الحرب مع العراق والنظام الإسلامي يحملها مسئولية كل المشاكل، فقد تضاعفت الأسعار وقننت حصص اللحوم ومنتجات الألبان وأغذية الأطفال وزيت الطعام. كانت أمي غالبا تذهب إلى المتجر في الخامسة صباحا كي تنتظر دورها في الحصول على حصتنا من الغذاء وتعود في الظهيرة. كل السلع كانت موجودة في السوق السوداء ، لكن بأسعار باهظة لا تقوى عليها الأسر محدودة الدخل ومن ينتمون إلى الطبقة المتوسطة، بينما كانت الحصص التي توزع ضئيلة للغاية.
وفي طهران بدت الحرب بعيدة عنا، فلم نعد نسمع صوت صافرات الإنذار إلا نادرا. حتى وإن سمعناها فلم يكن يتبعها شيء. أما المدن القريبة من الحدود الإيرانية العراقية فقد دفعت الثمن غاليا، وكانت الخسائر تتصاعد، وكل يوم تعرض الصحف صور العشرات من جثث الشباب الذين قتلوا في الجبهة، وبذلت الحكومة قصارى جهدها كي تستغل عواطف الناس لحثهم على الأخذ بالثأر، وفي المساجد أخذ الملالي يصيحون عبر مكبرات الصوت معلنين أن الحرب لا تحمي إيران فحسب، بل إنها تحمي الإسلام أيضا، فلم يكن صدام مسلما بحق ولكنه من أتباع الشيطان.
شيئا فشيئا أصبحت كل الأشياء التي أحبها في قائمة المحظورات، حيث أعلن أن الروايات الغربية التي كانت ملاذي وسلوتي «رجس من عمل الشيطان»، وأصبح العثور عليها عسيرا، ثم أخبرتني محمودي خانم في أوائل ربيع عام 1981 أني أحتاج إلى الحصول على درجات إضافية في مادة التربية الدينية. كانت الأقليات الدينية معفاة من حضور دروس الدين الإسلامي أو الزرادشتي، ولكن الآن علي إما أن أحضر دروسا في الدين الإسلامي أو أن أحضر شهادة من الكنيسة أقدمها للمدرسة. ومع أنني حضرت دروسا في الدين الإسلامي في المدرسة طواعية من قبل فقد أصبحت أرفض ذلك الآن. لقد حصلت على ما يكفي من التعليم الإسلامي، وبدا الحصول على شهادة من الكنيسة فكرة مناسبة وعملية، ولكنها لم تكن كذلك في حالتي؛ إذ لم يكن هناك قساوسة بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية بطهران منذ وقت طويل. اتصلت أمي بإحدى صديقاتها اللاتي يذهبن للكنيسة بانتظام، فأرشدتني إلى كنيسة كاثوليكية. ومع أن تلك الكنيسة على بعد شارعين من منزلنا، فلم ألاحظ وجودها من قبل، لأنه من دون النوافذ الزجاجية الملونة التي تطل على الطريق، بدت الكنيسة كئيبة كالمكاتب الحكومية والسفارات الأجنبية المحيطة بها. وهناك عرض علي القساوسة المساعدة في دراستي وتقييم جهودي.
أخذت أذهب إلى الكنيسة مرة أسبوعيا لحضور دروس العقيدة ؛ كان علي قرع الجرس أمام الباب المعدني الذي يصل بين الساحة الخلفية للكنيسة والشارع وأنتظر حتى يسمح لي بالدخول، ثم أغلق الباب خلفي وأسير عبر ممر ضيق يقع بين الكنيسة والحوائط القرميدية التي تحيط بالساحة. كانت الأرض مغطاة بالأسفلت، وحجرة مكتب الكنيسة ومحل إقامة القساوسة يقعان في مبنى منفصل مجاور للكنيسة. كان القسيس يستقبلني بحفاوة شديدة، ثم نشرع في قراءة الإنجيل ومناقشته، وبعد انتهاء الدرس أفتح الباب الخشبي الثقيل الذي يصل بين الساحة ومبنى الكنيسة، والذي كان دائما يصدر صريرا يتردد صداه بين الجدران الشاهقة. كنت أحب الجلوس على أحد مقاعد الكنيسة والنظر إلى صورة العذراء بثوبها الوردي الطويل وغطاء رأسها الأزرق وابتسامتها الهادئة التي تعلو وجهها، بينما الشموع تتلألأ أمامها. لقد عرفت العذراء معنى الخسارة، وذاقت طعم الألم. هنا كنت أشعر أني في بيتي.
الفصل الثاني عشر
في وقت مبكر من مساء الأول من مايو عام 1982، استدعيت ترانه وخمس فتيات أخريات إلى حجرة المكتب عبر مكبر الصوت، فخيم شبح الصمت على السجن. الكل يعلم أن الفتيات الخمس الأخريات محكوم عليهن بالإعدام، بينما أنا الوحيدة التي تعلم بأمر ترانه. كانت ترانه تجلس كعادتها في أحد الأركان تقرأ القرآن، وهي الوحيدة التي استدعيت في غرفتنا، فتجمد الجميع في أماكنهن وحدقن إليها، ولكنها وقفت كأنها ذاهبة لتتجول في المكان قليلا. اتجهت نحوها، لكنها نظرت إلي وهزت رأسها، ثم أمسكت حقيبتها الصغيرة المعلقة في الخطاف وحقيبتها الكبيرة الموضوعة أعلى الرف، واتجهت نحوي وأعطتني إياهما. - «تعرفين أني لا أملك الكثير من الأغراض، فهذا كل شيء. أرجوك أن تجدي طريقة مناسبة لإيصال تلك الأغراض لوالدي.»
أومأت برأسي، فارتدت الشادور وخرجت من الغرفة. كنت أعلم أن صديقتي ذاهبة لتلقى حتفها، وإن صرخت حتى بح صوتي أو ضربت رأسي بالحائط حتى كسرته فلن ينقذها ذلك. وقفت في منتصف الغرفة حاملة حقائب ترانه في يدي فترة طويلة حتى خذلتني ساقي. لم تنطق إحدانا كلمة طوال اليوم، بل التزمنا الصمت وكأن بوسعه إنقاذ حياة أو تحقيق معجزة. انتظرنا، وصلينا ، وبكينا سرا، وتحركت شفاهنا دون أن يصدر عنها صوت، لكن انتهى اليوم، وامتلأ الأفق باللونين الأحمر والقرمزي، ثم تسلل الليل. أنصتنا كي نسمع صوت إطلاق النار، وسرعان ما سمعناه كأن سحبا زجاجية تتساقط من السماء.
Неизвестная страница