Сахих аль-Асар ва Джамиль аль-Ибар мин Сирят Хайр аль-Башар ﷺ
صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ
Издатель
مكتبة روائع المملكة
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Место издания
جدة
Жанры
على المواساة، وكانوا يتوارثون بهذه المؤاخاة بعد الموت دون ذوي الأرحام إِلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله ﷿: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (١) ردّ التوارث إِلى الرحم دون عقد الأخوة (٢).
وقد كانت استجابة الأنصار لعقد المؤاخاة من أيّام الأنصار الخالدة، وكم للأنصار من أيّام؟!، قال أنس بن مالك: قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخى النبيّ ﷺ بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاريّ، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك؛ دلّني على السوق. فربح شيئًا من أقط وسمن، فرآه النبيّ ﷺ بعد أيام، وعليه وضر من صفرة، فقال النبي ﷺ: (مهيم يا عبد الرحمن؟). قال: يا رسول الله، تزوجت امرأة من الأنصار. قال: (فما سقت فيها؟). فقال: وزن نواة من ذهب. فقال النبيّ ﷺ: (أوْلِم ولو بشاة) (٣)،
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قالت الأنصار للنبيّ ﷺ: اقْسِمْ بيننا وبين إِخواننا النخيل. قال: "لا". فقال: "تكفونا المئونة، ونشرككم في الثمرة". قالوا: سمعنا وأطعنا (٤).
وعن أنس قال: قال المهاجرون: يا رسول الله، ما رأينا مثل قومٍ قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلًا من كثير، لقد كفونا المؤونة، وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كلّه. قال: "لا، ما أثنيتم عليهم، ودعوتم لهم" (٥).
٣ - موادعة اليهود في المدينة
وادع رسول الله ﷺ مَن بالمدينة من اليهود، وكتب بينه وبينهم كتابًا، أعطاهم فيه الآمان على النفس والمال والعرض، ما أحبوا البقاء، وبهذا توفر الأمن الداخلي للمجتمع
(١) سورة الأنفال، آية ٧٥.
(٢) انظر: زاد المعاد (٣/ ٦٣).
(٣) أخرجه البخاري في المناقب، باب كيف آخى النبيّ ﷺ بين المهاجرين والأنصار ح (٣٩٣٧).
(٤) أخرجه البخاري في الشروط، باب الشروط في المعاملة ح (٢٧١٩).
(٥) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٢٠٠، ٢٠١). قال ابن كثير (البداية ٣/ ٥٦٤): (هذا حديث ثلاثي الإِسناد على شرط الصحيحين).
1 / 169