بحلول الربيع، كانت قد وصلت ممرضة. كانت هذه هي الطريقة التي كانت الأشياء تتم من خلالها آنذاك. كان الناس يموتون في منازلهم، وكانوا يستعينون في مرضهم الأخير بممرضات تأتيهم في منازلهم لعلاجهم.
كان اسم الممرضة أودري أتكينسون، وكانت امرأة بدينة ترتدي مشدات مشدودة مثل أطواق البراميل، ذات شعر مموج بلون الشمعدان النحاسي، وفم يحدد ملامحه طلاء شفاه يتجاوز حدوده الضيقة. جاءت في سيارة إلى فناء المنزل - سيارتها الخاصة، سيارة داكنة الخضرة، لامعة، وفارهة. انتشرت الأنباء حول أودري أتكينسون وسيارتها سريعا. ثارت الأسئلة: من أين جاءت بالمال؟ هل غير أحد الحمقى الأثرياء وصيته لصالحها؟ هل قامت بابتزاز أحد؟ أم هل سرقت حفنة من الأوراق المالية كانت مخفية تحت مرتبة فراش أحد الموتى؟ كيف يمكن الوثوق بها؟
كانت سيارتها هي السيارة الأولى التي تقبع في فناء آل جريفز ليلا.
قالت أودري أتكينسون إنها لم يجر استدعاؤها من قبل لنظر إحدى الحالات في منزل بدائي كذلك المنزل. قالت إن الأمر كان يفوق تصورها؛ فكيف يمكن أن يعيش أناس على هذا النحو؟
قالت لأمي: «حتى لا يرجع ذلك إلى أنهم فقراء، أليس الأمر كذلك؟ هذا ما أستطيع أن أفهمه، أو لا يرجع حتى الأمر إلى مذهبهم. إذن، ما مرد الأمر؟ إنهم لا يعبئون!»
حاولت في البداية أن تقترب من أمي، كما لو كانتا ستصبحان حليفتين طبيعيتين في هذا المكان الموحش. تحدثت كما لو كانتا في العمر نفسه - كلتاهما أنيقة، وذكية، تحب قضاء وقت طيب، وتمتلك أفكارا عصرية. عرضت على أمي أن تعلمها قيادة السيارة، وعرضت على أمي سجائر، أغرت أمي فكرة تعلم قيادة السيارة أكثر من تدخين السجائر، لكنها رفضت وكانت ستنتظر زوجها كي يعلمها. رفعت أودري أتكينسون حاجبيها البرتقاليين المائلين إلى اللون الوردي قبالة أمي خلف ظهر فلورا، وكانت أمي في شدة الغضب؛ كانت أمي تكره الممرضات أكثر مما كانت فلورا تكرههن.
قالت أمي: «كنت أعرف حقيقة أمرها، لكن فلورا لم تكن تعرفها.» كانت أمي تعني أنها لمحت آثار حياة رخيصة، ربما حتى بارات، ورجال سيئي الأخلاق، وصفقات صعبة في الحياة، وهي أشياء كانت فلورا من النقاء الداخلي بحيث لا تلحظها.
بدأت فلورا في عملية التنظيف الكبرى مجددا. نشرت فلورا الستائر فوق العوارض الخشبية، وقامت بنفض الأبسطة المنشورة، وقفزت صاعدة السلم لتنظيف الحواف العليا من الأتربة، لكنها كانت تتعطل طوال الوقت بسبب اعتراضات الممرضة أتكينسون.
كانت الممرضة أتكينسون تقول في أدب مصطنع: «كنت أتساءل إذا كنا نستطيع أن نقلل من هذه الجلبة؟ أنا لا أطلب إلا راحة مريضتي.» كانت دوما تتحدث عن إيلي باعتبارها «مريضتي»، وكانت تتظاهر أنها الوحيدة التي تحميها وتجبر الآخرين على احترامها، لكنها لم تكن تظهر احتراما كبيرا لإيلي. كانت تقول، وهي تجر المخلوقة المسكينة إلى وسادتها: «هيلا هوب.» وكانت تقول لإيلي إنها لن تسمح بالتذمر والشكاية. كانت تقول لها: «أنت لا تساعدين نفسك البتة هكذا، وبالتأكيد لا تساعدينني على أن آتي إليك سريعا. ربما يجب عليك أن تتعلمي أن تتحكمي في نفسك.» هكذا كانت تصيح منفعلة في وجه إيلي مؤنبة إياها عندما كانت ترى تقرحات إيلي في الفراش، كما لو أن ذلك كان سببا آخر في وصم المنزل. كانت تطلب مستحضرات لتنظيف الجلد، ومراهم وصابونا باهظ الثمن، كلها، بلا شك، لوقاية جلدها هي، الذي زعمت تضرره من الماء العسر. (كيف يكون الماء عسرا؟! كانت أمي تسأل - التي كانت تدافع عن أهل هذا البيت مثلما لم يفعل أحد: كيف يكون الماء عسرا وهو يأتي من برميل ماء المطر؟!)
كانت الممرضة أتكينسون تريد قشدة، أيضا كانت تقول: إن عليهم الاحتفاظ بكمية منها، لا بيعها بالكامل إلى معمل الألبان. أرادت أتكينسون أن تصنع أصنافا مغذية من الحساء والبودنج لمريضتها. صنعت بالفعل بودنج وجيلي من خلائط معلبة لم يعرفها هذا المنزل من قبل. كانت أمي مقتنعة أنها كانت تأكل كل ما تعده.
Неизвестная страница