يعيش موراي وباربرا الآن في منتجع زيجلرز، على بعد خمسة وعشرين ميلا أو نحو ذلك شمال غرب والي. الأرض هنا غير ممهدة ومنحدرة. ترك المزارعون الأراضي هنا في مطلع القرن وتركوها تتحول مجددا إلى أدغال. اشترى والد موراي مائتي فدان منها وشيد كوخا بدائيا وأطلق على المكان معسكر الصيد. عندما فقد موراي المتجر في والي، والمنزل الكبير والمنزل الصغير الموجودين على قطعة الأرض خلف المتجر، قدم إلى هنا بصحبة باربرا وطفليهما الصغيرين. كان يقود حافلة مدرسية للحصول على دخل نقدي، وكان يعمل طوال الوقت المتبقي في بناء ثمانية أكواخ جديدة وتجديد الكوخ الذي كان موجودا هناك، لتكون بمثابة منتجع ومقر سكن لعائلته. تعلم أعمال النجارة، والبناء، والأعمال الكهربية، والسباكة. كان يقطع الأشجار ويقيم السدود على الجدول وينظف قاع الجدول وينقل الرمال في شاحنات، لصنع حوض سباحة وشاطئ. لأسباب واضحة (مثلما يقول) كانت باربرا تتولى الأمور المالية.
يقول موراي إن قصته قصة شائعة. هل تستحق أن يطلق عليها قصة كلاسيكية؟ «بدأ جدي الأكبر المتجر. وضع حجر الأساس له كأحد أهم المتاجر في المنطقة. حافظ أبي على ذلك، وأضعت أنا كل شيء.»
لا يجد موراي حرجا في إخبار الآخرين بقصته، وإن كان لا يتحين الفرصة دوما للحديث عن الأمر بحيث يزيح عبء الأمر برمته عن كاهله. يعتاد الضيوف مشاهدة موراي يعمل دوما؛ إصلاح حوض الزوارق، طلاء الزوارق، نقل البقالة، شق المصارف. يبدو موراي كفئا ورزينا، وملتزما جدا في سعة صدر بأي عمل يقوم به، حتى إن الآخرين يظنون أنه مزارع تحول إلى مدير منتجع. يحظى موراي بنوع الصبر والود غير الفضولي، والجسد غير الرياضي لكن القوي الذي لا يخذله، والوجه الذي لفحته الشمس، والهيئة الصبيانية الآخذة في الهرم، التي يجدها الآخرون في رجل ريفي. يأتي الضيوف أنفسهم لزيارة المنتجع عاما بعد عام، وفي بعض الأحيان يصبحون أصدقاء تجري دعوتهم في الليلة الأخيرة لإقامتهم لتناول العشاء على مائدة العائلة. (يعتبر من قبيل الإنجاز، بين المترددين بانتظام على المنتجع، مصادقة باربرا الأبية. لا يستطيع البعض مصادقتها على الإطلاق.) ثم إنهم ربما يستمعون إلى موراي يروي حكايته.
يقول موراي: «كان جدي معتادا على الصعود إلى سطح مبنانا في والي ... كان يصعد إلى السطح ويلقي بالمال إلى الأسفل، عصر كل أيام السبت. عملات معدنية فئة ربع دولار، فئة عشرة سنتات، ونكلات - عملات فئة خمسة سنتات، أعتقد كان يطلق عليها هذا آنذاك. كان ذلك يجتذب جموع الناس. كان الرجال الذين أنشئوا مدينة والي رجالا يميلون إلى الاستعراض. لم يتلقوا تعليما جيدا. لم يكونوا راقين. كانوا يظنون أنهم يبنون مدينة مثل مدينة شيكاجو.»
يقول موراي إن الأمر اختلف بعد ذلك. جاءت السيدات الأرستقراطيات وأصحاب المدارس والمدرسة الثانوية. انتهى عصر الصالونات وبدأ عصر إقامة الحفلات في الحدائق. كان والد موراي أحد أكابر كنيسة سانت أندروز؛ كان يمثل حزب المحافظين. «هذا أمر مضحك، كنا معتادين على قول «يمثل» بدلا من «يترشح عن». كان المتجر بمثابة مؤسسة في ذلك الوقت. لم يتغير شيء لعقود طويلة. واجهات العرض القديمة ذات الغطاء الزجاجي المقوس، والعملات المعدنية تتساقط في حيوية فوق الرءوس في تلك الحاويات المعدنية. كانت المدينة بأسرها مثل ذلك، حتى الخمسينيات. لم تكن أشجار الدردار قد ماتت بعد. كانت قد بدأت تموت. في الصيف، كانت المظلات القماشية القديمة توجد في جميع أنحاء الميدان.»
عندما قرر موراي أن يحدث المتجر، قام بذلك على خير وجه. كان ذلك في عام 1965. غطى المبنى بأسره بالجص الأبيض، مع تغيير واجهات العرض القديمة. جلب واجهات عرض صغيرة، راقية المظهر، وضعت في مستوى العين، بطول الشارع، كما لو كانت مخصصة لعرض مجوهرات التاج الملكي. كان الاسم زيجلرز - كتب هذا الاسم فقط - مكتوبا عبر الجص في خط متدفق، ونيون وردي. تخلى عن الطاولات التي تصل إلى الوسط، وفرش البسط على الأرضيات الملمعة، وزود المتجر بمصادر إضاءة غير مباشرة ومرايا كثيرة. وضع مصدر إضاءة كبيرا فوق الدرج. (كان هناك تسرب منه، وكان لا بد من تصليحه، وجرى تفكيكه قبل الشتاء الثاني.) أشجار في الداخل وأحواض مائية صغيرة، وشيء يشبه النافورة في قسم ملابس السيدات.
ضرب من الجنون.
في الوقت ذاته، كان المركز التجاري قد فتح أبوابه جنوب المدينة. هل كان يجب على موراي الانتقال إلى هناك؟ كان موراي غارقا حتى أذنيه في الديون ما لم يمكنه من الانتقال. أيضا، صار مروجا لمنطقة وسط المدينة. فهو لم يكتف بتغيير صورة متجر زيجلرز، بل غير نفسه أيضا وصار مشاركا دائما وصاخبا في المجلس المحلي. كان عضوا في لجان كثيرة. كان عضوا في لجنة التشييد. هكذا اكتشف أن رجلا من لوجان، يعمل وسيطا ومطورا عقاريا، كان يحصل على تمويل حكومي لترميم المباني القديمة لكنه كان في حقيقة الأمر يهدم المباني القديمة، ويحافظ على جزء فقط من أساسها ليصبح بعد ذلك جزءا من وحداته السكنية الجديدة القبيحة، المشيدة تشييدا سيئا، والتي كانت تدر عليه أرباحا كبيرة.
يقول موراي عندما يتذكر ذلك: «يا له من فساد! ... قررت أن يعرف الناس بالأمر. كنت أكتب عنه بحماس شديد في الصحيفة المحلية، وأتحدث عنه في واقع الأمر مع المارة. ماذا كنت أظن حينها؟ هل كنت أظن أن الناس «لم تكن» تعرف؟ لا بد أن ذلك كان بمثابة تهور واضح معلوم العواقب. كان كذلك في حقيقة الأمر. صرت شخصا مهاجما ومصدرا للنميمة العامة، حتى جرى استبعادي من لجنة التشييد. فقدت المصداقية. هكذا قالوا. خسرت المتجر أيضا. انتقلت ملكية المتجر للمصرف. فقدت أيضا المنزل الكبير الذي بناه جدي، والمنزل الصغير الذي يوجد على قطعة الأرض نفسها؛ حيث كانت باربرا وأنا والأطفال نعيش. لم يستطع المصرف مصادرتهما، لكنني قمت ببيعهما، حتى أسدد ديوني، هكذا كنت أريد أن يكون الأمر. لحسن الحظ أن أمي ماتت قبل أن تحل هذه الكارثة.»
في بعض الأحيان، تترك باربرا الجمع أثناء حديث موراي. يمكن أن تذهب لجلب المزيد من القهوة، وربما تعود بسرعة، أو ربما تصطحب الكلب سادي في نزهة إلى حوض السباحة، وسط جذوع أشجار البتولا والحور الشاحبة، تحت أشجار الشوكران المتهدلة. لا يجد موراي حرجا في تفسير سبب غيابها، على الرغم من أنه يترقب، دون أن يبدو عليه ذلك، حتى تعود مجددا. كل من يصادقهما يجب أن يفهم كيف توازن باربرا بين التواصل مع الآخرين والانقطاع عنهم، مثلما يجب أن يفهم أن باربرا لا تريد أن «تفعل» أي شيء. بالطبع تقوم باربرا بالكثير من الأشياء؛ تطهو، تدير المنتجع، لكن عندما يكتشف الناس كم قرأت، وأنها لم تذهب إلى الجامعة قط، يشيرون عليها في بعض الأحيان بأنها يجب أن تذهب إلى الجامعة، وأنها يجب أن تحصل على درجة علمية.
Неизвестная страница