فقال خليل: هذا هو الأرجح، والذي أراه أن نهتم بمعاكسة مشروع الترام الكهربائي من الوجوه الأخرى أيضا؛ فأولا يجب أن نقيم الجرائد كلها ضده، بحيث تبين أخطاره في البلد وتغرس في الأذهان أنه مشروع جهنمي، فلعل بعض الموظفين المساعدين في استخراج الامتياز تفتر عزيمتهم، وإذا لم نحصل على هذه النتيجة من جراء طعن الجرائد على المشروع فحسبنا أن ننفر الناس منه، بحيث لا يقبل أحد على الاكتتاب في أسهمه.
فقال عزيز: أراك تفتكر حسنا اليوم، صدقت، كفانا أن يعتقد الناس أن المشروع غير مضمون النجاح، فيعرضون عن شراء أسهمه وحينئذ يسقط من نفسه.
فقال ديمتري: صواب ما تقول، ولكن لا يجوز أن نكتفي بذلك. - لا، لا نكتفي بذلك فلا بد من التداخل مع بعض الموظفين، ويقال: إن شركة بلجيكية مستعدة أن تشتغل بهذا المشروع، فسأتحرى هذا الخبر، فإن صح ساعدنا الشركة البلجيكية لكي تنجح قبل طاهر أفندي وحسن.
وعندي أن الوسيلة الفعالة للمقاومة هي أن نأخذ لنا حزبا كبيرا من الوجهاء وكبار الموظفين، ونندد أمامهم بالمشروع حتى نكرههم به، وقد جربت هذه الطريقة فكلمت بعض الأشخاص ونجحت؛ ذلك لأن محاربة مشروع كهذا بالطرق الأدبية تنجح في هذه البلاد ما دام داء التحاسد فاشيا في الأهالي، على أنه مهما يكن الأمر فلا بد لنا من بذل المال لكي نستطيع المحاربة، ولا سيما لشراء أقلام الكتاب.
فقال خليل: إني أضحي بالبقية الباقية التي عندي.
فقال عزيز: لا بأس ضح؛ فإن كل غرضنا من هذه التضحية أن لا ينجح هذا الغلام حسن ويفوز عليك، ويظفر قبلك بيد نعيمة التي تبلغ ثروتها نحو مئتي ألف جنيه، فضح بثروتك الزهيدة في سبيل الحصول على هذه الثروة الطائلة، ولقد ضحيت أنا بكل ما عندي ولم يبق لي إلا الزهيد وما أطمع به من ثروة زوجتي، ولكن يلوح لي أني لا أقدر أن أستولي على شيء من ثروتها قبل القبض على روحها.
فقال خليل: لا تلجأ إلى هذه الطريقة إلا متى نفدت الحيل كلها. - لقد نفدت يا أخي. - كلا لم تنفد، فقد خطر لي أمس خاطر حسن جدا. - ما هو؟ أراك اليوم ذا خواطر حسان. - لا يخفى عليك أن زينب من النساء اللواتي يرتعبن ويترفعن عن كل ما ينافي الحشمة والأدب، وأصعب شيء عليها أن يقال عنها قول يمس آدابها أو عرضها، وتكاد تموت لو اتهمت تهمة مخجلة ...
فقال عزيز مقاطعا: فهمت فهمت ما تريد أن تقول، بالحق إن فكرتك بديعة جدا، أتريد أن تتهمها بأمر؟ - دعني أكمل كلامي، افتكرت أمس بحيلة لطيفة جدا وهي أن نسلط امرأة من القوادات على زينب، بحيث تظهر تلك القوادة بصفة كونها دلالة تبيع لوازم السيدات، وندعها تتردد على زينب حتى تصيرا صديقتين، وتحتال عليها أن تجرها إلى المكان السري المعلوم في الجزيرة. - بأي الطرق تقدر على ذلك يا ترى؟ - على القوادة أن تخترع الطريقة المفلحة.
فقال ديمتري: يمكنها أن تقول لها: «إن بعض الثلاثة الذين أفسدوا دسيسة زوجك تلك الليلة يريد مقابلتك لغاية حميدة تهمك فلا بد أنها تطاوعها على ما أظن.»
فقال عزيز: فكرة حسنة جدا.
Неизвестная страница