والذي ينظر في تربية النَّبيِّ ﷺ لصحابته يدرك مدى تحذير هذا النبي الكريم لأمته من خطر الوقوع في أعراض المسلمين، فانظر كيف أنَّ النَّبيَّ ﷺ لما أخبر معاذًا ﵁ بالأعمال التي يدخل بها الجنة، ويباعد من النار قال له النَّبيُّ ﷺ: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ فقال معاذ: بلى يا رسول الله، فأخذ رسول الله بلسانه فقال: كُفَّ عليك هذا. فقال معاذ: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم فقال: ثَكلتْكَ أمُّكَ وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حَصائدُ ألسنتهم» (١) .
فاتق الله أخي المسلم ولا تقل إلا خيرًا أو اسكت عن الشر، واحذر أنْ تقع في أعراض المؤمنين الغالية فتوقع في قلب المؤمن خفقة وربما في عينه دمعة، بل ربما توقع فيه من الأذى وتجعل عنده زفرات يرتجف بها بين يدي ربه في جوف الليل في سجوده وعبادته وخلواته لهجًا يطلب من الله كشفها، وربما تكون أنت نائم، ومن وقعت في عرضه يدعو عليك مادًا يديه إلى مغيث المظلومين وكاسر الظالمين.
أذكّرك بقصة أروى بنت أويس التي زعمتْ أن الصحابي الجليل سعيد بن زيد ﵁ قد غصب شيئًا من أرضها وضمّه إلى أرضه،، فقال سعيد: أنا كنتُ آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعتُهُ من رسول الله ﷺ! قال مروان: وما سمعت من رسول الله ﷺ؟ قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «من ظلم من الأرض شيئًا طوّقه من سبع أرضين» (٢) .
(١) سبق تخريجه. (٢) أخرجه: البخاري ٤/١٣٠ (٣١٩٨)، ومسلم ٥/٥٨ (١٦١٠) (١٣٨) من حديث سعيد بن زيد ﵁.
1 / 62