وربما كان الصعلوك الثاني المشهور وهو الشنفرى. وإذا كان عروة يصور لنا المعنى الإنساني في حركة الصعاليك كان الشنفرى يصور لنا معنى الشجاعة والسلب والنهب ونحوها، أي إن عروة يمثل الغاية والشنفرى يمثل الوسيلة. وربما كانت لفظة الشنفرى تدل على ذلك، فإن من معانيها الغليظ الشفتين. وقد فقد الشنفرى توازنه الاجتماعي مع قبيلته حتى صار لا يقام له وزن. ويذكر في شعره فقره وهزاله ونعليه الممزقتين وثيابه البالية المهلهلة وحمله قربة الماء وتشرده في الصحراء بين الوديان السخيفة حيث تتجاوب الجن. فشعر عروة أكثره في غيره والشنفرى أكثر شعره في نفسه.
من مثل قوله:
خرجنا من الوادي الذي بين مشعل
وبين الجبا هيهات أنشأت سربتي
19
أمشي على أين الغزاة وبعدها
يقربني منها رواحي وغدوتي
20
وأم عيال قد شهدت تقوتهم
إذا أطعمتهم أوتحت وأقلت
Неизвестная страница