Саад Заглул, лидер революции
سعد زغلول زعيم الثورة
Жанры
ولما هم بالنزول التفت الضابط إلى الواقفين الذين تجمعوا في هذه الفترة وسأل: «أين إسماعيل صدقي باشا؟» وكان صدقي باشا مع الواقفين فقال: «أنا هو.» فقال الضابط: «تفضل بالمجيء معي.» فأجابه: «حسنا، ولكن تسمح لي بالرجوع لحظة إلى المكتب.» فوضع الضابط يده على كتفه وقال: «لا، إني أخشى أن تذهب!» قال صدقي باشا: «لو كنت أريد الهرب لما أظهرت نفسي.» ثم أفلت من يده ومضى إلى المكتب، فانتظر الضابط إلى أن عاد ... ثم سأل: «أين منزل حمد الباسل باشا؟» فلم يجبه أحد، وبعد هنيهة أشار أحد الواقفين إلى المنزل ودل الضابط عليه.
ولم يذكر لي الأستاذ فؤاد قصبجي فيم كانت عودة صدقي باشا إلى المكتب تلك اللحظة، ولكني علمت بعد ذلك أنه عاد إليه ليقصي بعض الأوراق الهامة مخافة أن تأخذها القيادة العسكرية أثناء التفتيش.
ولما هم الضابط بالانصراف تقدم إليه عبد العزيز فهمي (بك) والاضطراب باد عليه، وقال بالفرنسية: «إذا أردتم مرة أخرى استدعاء أحد منا فيكفي أن تكتبوا إليه وهو يحضر إليكم.» واضطر إلى أن يكرر عبارته مرة أو مرتين؛ لأن الضابط لم يفهمها لأول مرة، فلما فهمها قال له: «أشكرك.» ومضى.
وبعد نحو ساعة حضر إلى بيت الأمة حمد الباسل باشا، وكان قد علم بما حدث، فخاطب مركز القيادة العليا بفندق سفواي سائلا: «إلى أين تريدونني أن آتيكم؟» فأحالوه إلى ثكنة قصر النيل ليسألها ... وطلبت منه هذه الحضور على الأثر؛ فودع أصحابه وذهب إلى الثكنة.
وقد أدخل سعد وأصحابه في الثكنة، كل واحد منهم إلى حجرة منفردة حتى المساء، ثم سمح لهم بالاجتماع ساعة العشاء، وقضوا الليلة في الثكنة يتساءلون عن مصيرهم، وفي الصباح أبلغهم ضابط كبير أنهم قد سمح لهم باستحضار ثياب من منازلهم تكفيهم لمدة شهر، وبخادم لكل منهم، إذا شاء.
وفي اليوم الثالث سئلوا: «هل أنتم على استعداد للمسير؟» فأجابوا: «على أتم استعداد.» ونزلوا مع الحراس إلى فناء الثكنة، فركبوا سيارتين تتبعهما سيارة بضاعة، تحمل الأتباع والحقائب.
وخرجت السيارات مسرعة إلى محطة العاصمة، فلما نزلوا منها أحاط بهم عشرون ضابطا إنجليزيا، ومعهم محمود صدقي باشا محافظ العاصمة، وساروا بهم إلى الرصيف الذي يقف عليه قطار بورسعيد، وأدخلوهم جميعا إلى ديوان واحد في القطار، ومعهم واحد من الضباط.
لم يكن سعد وأصحابه يعلمون الوجهة التي يتجهون إليها، فكانوا عند خروجهم من ثكنة قصر النيل يحسبون أنهم منقولون إلى معسكر المعادي، فلما اتجهت السيارة يسارا، وبلغوا قطار بورسعيد ظنوا أنهم منقولون إلى رفح أو إلى السويس، ثم وصلوا إلى بورسعيد ووجدوا هناك ضابطا بريطانيا بالانتظار، فأركبهم معه سيارة إلى الميناء وأصعدهم إلى نقالة بريطانية تقل ألفين من الجنود الإنجليز في طريقهم إلى بلادهم، وأخذ البحارة في تدريبهم على وسائل النجاة عند الخطر؛ لأن السفن كانت تصطدم بالألغام كثيرا في بحر الروم.
علموا أنهم منقولون إلى جزيرة مالطة حيث كانت القيادة العسكرية تأسر المعتقلين من المصريين والترك والألمان، ولكنهم لم يعلموا ذلك من ضابط النقالة إلا بعد الخروج من الميناء. فقيل لهم في عرض البحر: إنهم ذاهبون إلى تلك الجزيرة. ووصلوا إليها بعد ثلاثة أيام.
تساءل الكثيرون: على أي قاعدة جرت الحكومة الإنجليزية باختيار أصحاب سعد الثلاثة في هذا الاعتقاد؟ وتعليل ذلك ما نرى أن القيادة العسكرية لاحظت التقاليد الرسمية في اختيار كبراء الوفد الذين يعتقلون مع رئيسه، فإسماعيل صدقي باشا وزير سابق، ومحمد محمود باشا مدير سابق، وحمد الباسل باشا من غير الموظفين هو رئيس قبيلة بدوية كبيرة يعرفه الإنجليز من أيام الحرب الطرابلسية، وجميعهم يحملون لقب الباشوية، فاختيارهم هو الاختيار الوحيد الصحيح من وجهة التقاليد الرسمية.
Неизвестная страница