Саад Заглул, лидер революции

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
73

Саад Заглул, лидер революции

سعد زغلول زعيم الثورة

Жанры

وألحت الوزارة في دعواها إلى أن كان يوم انعقاد البرلمان وانتخاب رئيس مجلس النواب، فلم يظفر مرشح الحكومة عبد الخالق ثروت باشا بأكثر من خمسة وثمانين صوتا، وبلغت أصوات سعد مائة وثلاثة وعشرين صوتا عدا صوته؛ لأنه انصرف قبل الاقتراع لانتخاب الرئيس.

وتأجلت الجلسة إلى المساء لإتمام انتخاب المكتب، والوزارة في هذه الأثناء تعد المرسوم بحل مجلس النواب للسبب الأول الذي حلته من أجله في السنة الماضية، وهو الإصرار على تلك السياسية التي كانت سببا لتلك النكبات التي لم تنته البلاد من معالجتها! وهو مناقض لنص الدستور الذي يحرم حله مرتين بسبب واحد.

وجاء المساء فدخل زيور باشا ومعه ثلة من الجند وقرأ المرسوم وانصرف، وكان يلتفت قبل تلاوته إلى منصة الرئاسة ليرى سعدا عليها، وينعم هو وشركاؤه بما رتبوه من رؤيته نازلا من المنصة بعد انتصار الصباح، ولكنه كان قد ذهب إلى حجرة الرئاسة، ولم يعد إلا في أثناء تلاوة المرسوم.

غاية ما يقال تلخيصا للحرب الانتخابية في هذه المرة أنها كانت حربا بين من استفادوا بحادثة السردار، ومن أصيبوا بهذه الحادثة ومنهم الأمة بحذافيرها؛ فلا جرم أن تكون الأمة في الجانب الذي ينبغي أن تكون فيه، ولا يعقل أن تنحاز إلى غيره. ومن خطأ اللورد اللنبي وخلفائه أنهم قدروا للانتخابات المصرية مآلا غير المآل.

ويظهر أن إقالة اللورد اللنبي عقب الخطأ الفاحش الذي ارتكبه في الإنذار النهائي كانت أمرا مبتوتا فيه منذ أوائل العام، ولكنهم أجلوه في الوزارة البريطانية ريثما تنجلي المعركة الانتخابية عن مصيرها، خوفا على أصدقائه الوزراء المصريين من الفشل والهزيمة من جراء تلك الإقالة أو الاستقالة، وأملا في الظفر بمجلس نيابي يساعده ويتوج سياسة التصريح - تصريح 28 فبراير - بالنجاح. ولكن الانتخابات أسفرت عن خيبة جديدة وتقويض لسياسة الرجل لا أمل بعده في الترميم والتلفيق؛ فعادت الصحف الإنجليزية تتحدث باستقالته، وهو ينفيها من القاهرة ويوعز إلى الصحف الاحتلالية بتكذيبها. وتحققت الإشاعة بعد أسابيع، فأبلغها اللورد اللنبي إلى جلالة الملك في التاسع عشر من شهر مايو، وغادر البلاد بعد أيام.

إن السياسة المصرية - على التخصيص بين السياسات العالمية - لا تتغير لسبب واحد. ولكننا إذا أردنا أن نعرف لها قاعدة واحدة تتكرر في جميع التغييرات الهامة، فالأغلب أن الإنجليز يشرعون في التغيير كلما انحصر النفوذ في ناحية واحدة، سواء أكانت ناحية القصر أم ناحية الأمة؛ وعلى هذا غيروا سياسة الوفاق بعدما تبين لهم في عهد السير الدون غورست أن نفوذ الخديو عباس ينبسط في أنحاء الأمة والحكومة، وغيروا سياسة الحكم الدستوري بعدما تبين لهم أنه يقوي سعدا ولا يضعفه كما كانوا يقدرون، وأنشئوا حكومة زيور وهم يظنون أنها حكومة متزنة يتعارض فيها نفوذ القصر ونفوذ الأحرار الدستوريين، وأن هؤلاء جميعا يسلطون نفوذهم على سعد زغلول، فلا يرجح جانب على جانب من نفوذ الأمة أو نفوذ القصر أو نفوذ الوزارة ... فسرعان ما ظهر لهم أن تعطيل الدستور قد حصر النفوذ بأيدي القصر، وهيأ له أن يستبقيه بين يديه في غياب الدستور وفي وجود الدستور، وانكشف لهم ما وراء إنشاء حزب الاتحاد من المقاصد والتدبيرات ... إن الانتخاب الأول بعد استقالة سعد قد اشترك فيه الاتحاديون والدستوريون من جماعة الوزراء، أما الانتخاب الثاني فلن يتسع لحزب غير الاتحاديين؛ لأنهم سيوحدون فيه جميع الأحزاب!

وبرزت هذه النية بعد تشكيل الوزارة الزيورية الثانية، وانطلاق حسن نشأت باشا - وكيل القصر الملكي - في السيطرة على دواوين القاهرة وفروع الأقاليم؛ فكانت أوامره تصدر إلى المأمورين مباشرة في المراكز بغير وساطة الوزير أو المدير، وكانت أوامر الوزراء تلغى ولا تطاع، ولم يلبث الاشتراك أن أفضى إلى الاحتكاك بين الأحزاب وبين أشخاص الوزراء، ثم سنحت الفرصة أخيرا للخلاص من الدستور بضربة واحدة ترمي إلى هدفين؛ فقد ألف الأستاذ علي عبد الرازق - وهو عالم ديني من أبناء بيوتهم الكبيرة - رسالة في الإسلام وأصول الحكم أدحض بها القول القائل بوجوب الخلافة في الإسلام؛ فاهتم الاتحاديون بتجريد هذا العالم من صفة العالمية؛ لأن تجريده يرضي القصر بما يقتص من رجل يعوق المسعى إلى الخلافة، ويرضيه من طرف آخر بما يحرج الأحرار الدستوريين ويضطرهم إلى اعتزال الحكومة. فتم هذا التجريد، واستقال الوزراء من الأحرار الدستوريين، واستعد الاتحاديون لخوض معركة الانتخاب منفردين.

فلما وصل السير - اللورد جورج لويد خلف اللورد اللنبي - إلى مصر، وصل وله وجهة مرسومة في السياسة المصرية لا يطول فيها التردد والاضطراب؛ نفوذ القصر يجب أن يقف عند حد محدود، والحياة النيابية يجب أن تعود، ولكن هل تعود الحياة النيابية ليعود سعد زغلول إلى نفوذه الحكومي القديم؟ كلا! بل تعود الحياة النيابية في برلمان مؤتلف من جميع الأحزاب؛ فيحول البرلمان دون انفراد القصر بالسلطان، ويحول الائتلاف دون انفراد سعد بالوزارة والبرلمان، ولا ينحصر النفوذ في يد واحدة من أيدي المصريين.

وفي الوقت الذي كانت فيه السياسة البريطانية تتجه إلى هذا الاتجاه، كانت الأحزاب المصرية تشعر بالخطر الواحد يهددها جميعا، وتعلم أن لا نجاة لها بغير الائتلاف؛ فتحدث رجالها في توحيد الصفوف، وتزاوروا لتقريب ما بينهم من شقة الخلاف، وأزف موعد انعقاد البرلمان بحكم الدستور في السبت الثالث من شهر نوفمبر، فعول الأعضاء على الاجتماع مدعوين أو غير مدعوين، وأعلنت الوزارة أنها تمنع بالقوة كل اجتماع داخل البرلمان أو في مكان آخر، واحتلت دار النيابة بنحو ألفين من الجنود، ولكن النواب والشيوخ اجتمعوا في فندق الكنتننتال، وباتوا من أجل ذلك في الفندق لكيلا يحال بينهم وبين دخوله في الصباح. ومن طرائف زيور باشا أنه - وهو يسكن ذلك الفندق - لم يدر بما كان يجري فيه، واستغرب هذه الضجة هناك على خلاف المألوف!

وافتتحت الجلسة قبل الظهر فانتخب سعد رئيسا، ثم أصدر المجلسان قرارا بالاحتجاج على تصرفات الوزارة، وعلى منع الأعضاء من الاجتماع في دار البرلمان بقوة السلاح، وباعتبار دور الانعقاد موجودا قانونا، واستمرار اجتماعات المجلس في المواعيد والأمكنة التي يتفق عليها الأعضاء.

Неизвестная страница